ومن أين علمت أنه كلام الملك؟ قال: سمعت كلاما عاليا في موضع
لا ترفع فيه الأصوات فعلمت أنه كلام الملك؛ فقال كسرى: زه احشوا(1) فمه من الجوهر النفيس .
وقد كان بعض الملوك يرى الاحتجاب من العامة والرعية وكثير من الخاصه وبعضهم يرى التبذل للجميع وخير الأمور أوسطها فان الملك اذا ابتذلته العيون نقصت هيبته، وإذا اشتد حجابه استولت خاصته على المملكة فضاعت الرعية؛ فينبغى أن يجلس لخواصه وامراء دولته وعلماء ملته كثيرا، حسب ما نشرحه(2) فيما بعد، ثم يجلس للعامة مجالس مفردة وكذلك للمظالم بحيث لا يحتجب عنه أحد، وينبغى أن يكون لمجلسه أمير يعرف بامير جاندار، يحفظ مراتب الناس ومجالسهم في مواضع تليق بهم. وعليه تاديب من تعدى طوره وزجر من اساء ادبه بحسب ما يليق به؛ فليكن هذا الشخص عارفا باحوال الملك واغراضه ليكون ترتيبه لذلك سديدا، ولا يمكن الناس من مفاجأته بالأقوال، ولا مبارزته بالسؤال سوى المتظلمين.
وقد قيل: إن الرعية إذا قدرت أن تقول فعلت وإذا قدرت أن تفعل اختل النظام. ويجب أن تكون للملك ميزة في ملبسه ومجلسه ومركبه ولقبه ونعته. وأما الطعام والشراب فلا ينبغى آن يتميز فيه عن من حضر مجلسه، فانه إلى الكرم أقرب. وكذلك يجب أن يسهل حجابه عند حضور الطعام، هذا إذا كان الملك ممن يؤاكل الناس، فاذا كان لا يأكل معهم فلا باس بتخصيص قوم بما يليق بهم.
وأما الألقاب فكانت للملوك الأول القاب تنسب إلى الألوان مثل سفيذكار، وألقاب تنسب إلى الألوال مثل جمشيد وكيومرد، والى الصفات مثل بزه كار
صفحة ٨٨