وإذا الكتيبة أحجمت وتلاحظت ... ألفيت خيرًا من معمم مخول
ومن إقراطه قوله:
وأنا المنية في المواطن كلها ... والطعن مني سابق الآجال
وكثيرًا ما يتغنى في شعره بمكارم الأخلاق كقوله:
ولقد أبيت على الطوى وأظله ... حتى أنال به كريم المأكل
وقوله:
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي ... حتى توارى جارتي مأواها
ومن محاسن شعره قوله:
ولقد أبيت على الطوى وأظله ... حتى أنال به كريم المأكل
وأنشد رسول الله ﷺ هذا البيت، فقال: "ما وصف لي أعرابي قط فأحببت أن أراه إلا عنترة".
وعده صاحب الجمهرة ثاني أصحاب المجمهرات. قال: "وقد أدركنا أكثر أهل العلم يقولون إن بعدهن (السموط وهي المعلقات) سبعًا ما هن بدونهن ولقد تلا أصحابهم أصحاب الأوائل فما قصروا وهن المجمهرات لعبيد بن الأبرص، وعنترة بن عمرو وعدي بن زيد ونشر بن أبي خازم وأمية بن أبي الصلت وخداش بن زهير والنمر بن تولب.
وذكره أبو عبيدة في الطبقة الثالثة من الشعراء.
ويقول ابن قتيبة وكان لا يقول من الشعراء إلا البيت والبيتين والثلاثة حتى سابه رجل من قومه فذكر سواده وسواد أمه وغيره ذلك، وأنه لا يقول الشعر فقال عنترة والله إن الناس ليترافدون الطعمة فما حضرت أنت ولا أبوك ولا جدك مرفد الناس قط وإن الناس ليدعون في الغارات فيعرفون بتسويمهم فما رأيتك في خيل مغيرة في أوائل الناس قط وإن اللبس ليكون بيننا فما حضرت أنت ولا أبوك ولا جدك حطة فصل وإنما أنت فقع بقرقر وإني لأحتضر البأس وأوفى المغنم وأعف عن المسألة وأجود بما ملكت يدي وأفضل الخطة الصماء وأما الشعر فستعلم.
فكان أول ما قال: هل غادر الشعراء من متردم وكانت العرب تسميها المذهبة.
المختار من شعر عنترة العبسي
- ١ - قال عنترة العبسي:
هل غادر الشعراء من متردم ... أم هل عرفت الدار بعد توهم
أعياك رسم الدار لم يتكلم ... حتى تكلم الأصم الأعجم
ولقد حبست بها طويلًا ناقتي ... أشكو إلى سفع رواكد جم
يا دار عبلة بالجواء تكلمي ... وعمي صباحًا دار عبلة واسلمي
دار لآنسة غضيص طرفها ... طوع العناق لذيذة المتبسم
فوقفت فيها ناقتي وكلها ... فدن، لأقضي حاجة المتلوم
وتحل عبلة بالجواء وأهلنا ... بالحزن فالصمان فالمتثلم
حييت من طلل تقادم عهده ... أقوى وأقفر بعد أم الهيثم
حلت بأرض الزائرين فأصبحت ... عسرًا علي طلابك ابنة مخوم
علقتها عرضًا وأقتل قومها ... زعمًا لعمر أبيك ليس بمزعم
ولقد نزلت فلا تظني غيره ... مني بمنزلة المحب المكرم
كيف المزار وقد تربع أهلها ... بعنيزتين وأهلنا بالغيلم
إن كنت أزمعت الفراق فإنما ... زمت ركابكم بليل مظلم
ما راعني إلا حمولة أهلها ... وسط الديار تسف حب الخمخم
فيها اثنتان وأربعون حلوبة ... سودًا كخافية الغراب الأسحم
إذ تستبيك بأصلتي ناعم ... عذب مقبله لذيذ المطعم
وكأنما نظرت بعيني شادن ... رشإ من الغزلان ليس بتوءم
وكأن فارة تاجر بقسيمة ... سبقت عوارضها إليك من الفم
أو روضة أنفًا تضمن نبتها ... غيث قليل الدمن ليس بمعلم
جادت عليها كل عين ثرة ... فتركن كل حديقة كالدرهم
سحا وبسكابًا فكل عشية ... يجري عليها الماء لم يتصرم
فترى الذباب بها يغني وحده ... هزجًا كفعل الشارب المترنم
غردًا يسن ذراعه بذراعه ... فعل المكب على الزناد الأجذم
تمسي ويصبح فوق ظهر حشية ... وأبيت فوق سراة أدهم ملجم
وجشيتي سرج على عبل الشوى ... نهد مراكله نبيل المحزم
هل تبلغني دارها شدنية ... لعنت بمحروم الشراب مصرم
خطارة غب السرى زيافة ... تطس الإكام بكل خف مثيم
وكأنما أقص الإكام عشية ... بقريب بين المنسمين مصلم
يأوي إلى حزق النعام كما أوت ... حزق يمانية لأعجم طمطم
يتبعن قلة رأسه وكأنه ... زوج على حرج لهن مخيم
صعل يعود بذي العشيرة بيضه ... كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم
1 / 77