وقال النابغة يرد على بدر بن حذار ويذكر حزيما وزبان ابني سيار بن عمرو بن جابر لأنه بلغه أنهما أعانا بدرًا ورويا شعره فيه:
ألا من مبلغ عني حريمًا ... وزبان الذي لم يرع صهري
فإياكم وعورًا داميات ... كأن صلاءهن صلاء جمر
فإني قد أتاني ما صنعتم ... وما وشحتم من شعر بدر
فلم يك نولكم أن تشقذوني ... ودوني عازب وبلاد حجر
فإن جوابها في كل يوم ... ألم بأنفس منكم ووفر
ومن يتربص الحدثان تنزل ... بمرلاه عوان غير بكر
- ١١ - وقال أيضًا:
قالت بنو عامر خالوا بنو أسد ... يا بؤس للجهل ضرارًا لأقوام
يأبى البلاء فلا نبغي بهم بدلًا ... ولا نريد خلاء بعد إحكام
فصالحونا جميعًا إن بدا لكم ... ولا تقولوا لنا أمثالها عام
إني لأخشى عليكم أن يكون لكم ... من أجل بغضائهم يوم كأيام
تبدو كواكبه والشمس طالعة ... لا النور نور ولا الإظلام إظلام
أو تزجروا مكفهرًا لا كفاء له ... كالليل يخلط أصرامًا بأصرام
مستحقبي خلق المادي يقدمهم ... شم العرانين ضرابون للهام
لهم لواء بكفي ماجد بطل ... لا يقطع الخرق إلا طرفه سام
يهدي كتائب خضرًا ليس يعصمها ... إلا ابتدار إلى موت بإلجام
كم غادرت خيلنا منكم بمعترك ... للخامعات أكفًا بعد أقدام
يا رب ذات خليل قد فجعن به ... وموتمين وكانوا غير أيتام
والخيل تعلم أنا في تجاولها ... عند الكعان أولو بؤسي وإنعام
ولوا وكبشهم يكبو لجهته ... عند الكماة صريعًا جوفه دام
- ١٢ - وقال في أمر بني عامر:
ليهنئ بني ذبيان أن بلادهم ... خلت لهم من كل مولى وتابع
سوى أسد يحمونها كل شارق ... بألفي كمي ذي سلاح ودارع
قعودًا على آل الوجيه ولاحق ... يقيمون حولياتها بالمقارع
يهزون أرماحًا طوالًا متونها ... بأيد طوال عاريات الأشاجع
فدع عنك قومًا لا عتاب عليهم ... هم ألحقوا عبسًا بأرض القعاقع
وقد عسرت من دونهم بأكفهم ... بنو عامر عسر المخاض الموانع
فما أنا في سهم ولا نصر مالك ... ومولاهم عبد بن سعد بطامع
إذا نزلوا ذا ضرغد وعتائدًا ... يغنيهم فيها نقيق الضفادع
قعودًا لدى أبياتهم يثمدونها ... رمى الله في تلك الأنوف الكوانع
- ١٣ - وقال يصف المتجردة زوج النعمان بن المنذر:
أمن آل مية رائح أو مغتد ... عجلان ذا زاد وغير مزود
أفد الترحل غير أن ركابنا ... لما تزل برحالنا وكأن قد
زعم البوارح أن رحلتنا غدًا ... وبذاك خبرنا الغداف الأسود
لا مرحبًا بغد ولا أهلًا به ... إن كان تفريق الأحبة في غد
حان الرحيل ولم تودع مهددًا ... والصبح والإمساء منها موعدي
في إثر غانية رمتك بسهمها ... فأصاب قلبك غير أن لم تقصد
غنيت بذلك إذ هم لك جبرة ... منها بعطف رسالة وتردد
ولقد أصابت قلبه من حبها ... عن ظهر مرنان بسهم مصرد
والنظم في سلك يزين نحرها ... ذهب توقد كالشهاب الموقد
صفراء كالسيراء أكمل خلقها ... كالغصن في غلوائه المتأود
والبطن ذو عكن لطيف طيه ... والإتب تنفجه بثدي مقعد
محطوطة المتنين غير مفاضة ... ريًا الروادف بضة المتجرد
قامت تراءى بين سجفي كلة ... كالشمس يوم طلوعها بالأسعد
أو درة صدفية غواصها ... بهج متى يرها يهل ويسجد
أو دمية من مرمر مرفوعة ... بنيت بآجر تشاد بقرمد
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه ... فتناولته واتقتنا باليد
بمخضب رخص كأن بنانه ... عدم يكاد من اللطافة يعقد
نظرت إليك بحاجة لم تقضها ... نظر السقيم إلى وجوه العود
نجلو بقادمتي حمامة أيكة ... بردًا أسف لثاته بالإثمد
كالأقحوان غداة غب سمائه ... جفت أعاليه وأسفله ندى
زعم الهمام بأن فاها بارد ... عذب مقبله شهي المورد
زعم الهمام "ولم أذقه" أنه ... عذب إذا ما ذقته قلت ازدد
1 / 37