أما في القرن العاشر (١): فقد استوى النشاط التدوين لهذا العِلْم، ومن أبرز ما دُوِّن فيه:
• "الأشباه والنظائر": للإمام الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر ابن محمد الشافعي، المصري، الشهير بالسيوطي، المتوفى سنة (٩١١ هـ)، وكتابه المذكور من أروع المؤلفات في القواعد الفقهية وأغزرها مادة، وأحسنها ترتيبًا وتنسيقًا، قام فيه باستخلاص أهم القواعد الفقهية المتناثرة المُبدَّدة عند ابن عبد السلام، وابن الوكيل، والعلائي، والسبكي، والزركشي، وأضحى بذلك مصدرًا خِصبًا لدراسة القواعد الفقهية خاصة في المذهب الشافعي، ومن ثمَّ تداولته أيدي العلماء في كل مكان وحظى بحسن القبول والرواج.
• "إيضاح المسالك إلى قؤاعد الإِمام مالك": للعلامة المحقق أحمد بن يحيى بن محمَّد التلمساني الوِنْشَريسي، ثم الفاسي، المتوفى سنة (٩١٤ هـ)، وكتابه هذا من أشهر ما ألف في قواعد المذهب المالكي، وهو كتاب معتدل وسط بين كتب القواعد المشهورة، ضمنه مائة وثماني عشرة قاعدة، ومعظم قواعده مذهبية تخدم المذهب المالكي، أوردها المؤلف بصيغ استفهامية باعتبار أنها ليست مما يتفق عليها بين العلماء، بل إنها قواعد خلافية، وقد يتعرض لبعض القواعد المتفق عليها بين المذاهب بصيغة الاستفهام أيضًا، وأحيانًا بصيغة الخبر، وأردف كل قاعدة بما يناسبها من الفروع الفقهية من أبواب مختلفة، ويؤخذ عليه إغفاله بعض القواعد المهمة مثل: "الأمور بمقاصدها"، و"العادة محكمة"، و"الضرر يزال"، و"الحدود تسقط بالشبهات"، والكتاب في الجملة من آثاره العلمية النافعة
_________
(١) وإنما ذكرت ما دُوِّن في القرن العاشر وتركت التاسع لحين أتكلم عن ابن الملقن ومنهجه، فهو أبرز من ألف في هذا العصر.
1 / 52