ثانيًا: الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية:
إذا أجرينا موازنة عامة بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية استبانت لنا عدة فروق (١) من أهمها:
١ - أن القواعد الأصولية هي في مجملها تنتظم مجموعة الأدلة الإجمالية التي يدور عليها علم أصول الفقه وينضبط بها ميزان الاستنباط الصحيح عند الفقيه، شأنها في ذلك شأن القواعد النحوية التي تضبط الإعراب وتقيم النطق، فالقواعد الأصولية وسط بين الأدلة والأحكام يُستنبط بها الحكم من دليله التفصيلي، وموضوعها دائمًا الدليل والحكم، كقولك: "الأمر للوجوب، والنهي للتحريم ... " أما القاعدة الفقهية، فهي قضية كلية أو أغلبية موضوعها وجزئياتها فروع الفقه ومسائله المتعلقة بأفعال المكلفين.
٢ - أن القاعدة الأصولية وسيلة يتوصل بها المجتهدون إلى التعرف على الأحكام الفقهية (الفروع)، أما القاعدة الفقهية فهي التي تضبط الأحكام الفقهية التي يتوصل إليها المجتهد باستعمال القاعدة الأصولية، وبهذا تكون القواعد الفقهية ضوابط للثمرة المتحققة من أصول الفقه.
٣ - أن القواعد الفقهية متأخرة في وجودها الذهني والواقعي عن الفروع؛ لأنها جمع لأشتاتها وربط بينها، أما القواعد الأصولية، فالفرض العقلي يقتضى وجودها قبل الفروع؛ لأنها الوسيلة التي توصل به المجتهد إلى استنباط الأحكام (الفروع)، فالترتيب الذهني الزمني الصحيح حينئذ لهذه الأدوات هو: (الأصول - ثم
_________
(١) انظر: "القواعد الفقهية" للندوي (ص: ٦٨ - ٦٩)، "شرح منظومة القواعد الفقهية" (ص: ٧)، "القواعد الفقهية" للباحسين (ص ت ١٣٥)، "القواعد الفقهية الكبرى" للسدلان (ص: ٢٠).
1 / 38