163

أسباب نزول القرآن

محقق

كمال بسيوني زغلول

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١١ هـ

مكان النشر

بيروت

الْوَلِيدِ فِي سَرِيَّةٍ، إِلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، وَكَانَ مَعَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَسَارَ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْقَوْمِ عَرَّسَ لِكَيْ يُصَبِّحَهُمْ، فَأَتَاهُمُ النَّذِيرُ فَهَرَبُوا غَيْرَ رَجُلٍ قَدْ كَانَ أَسْلَمَ، فَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يَتَأَهَّبُوا لِلْمَسِيرِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى عَسْكَرَ خَالِدٍ، وَدَخَلَ عَلَى عَمَّارٍ فَقَالَ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ! إِنِّي مِنْكُمْ، وَإِنَّ قَوْمِي لَمَّا سَمِعُوا بِكُمْ هَرَبُوا، وَأَقَمْتُ لِإِسْلَامِي، أفَنَافِعِي ذلك، أم أَهْرُبُ كَمَا هَرَبَ قَوْمِي؟ فَقَالَ: أَقِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ نَافِعُكَ.
وَانْصَرَفَ الرَّجُلُ إِلَى أَهْلِهِ وَأَمَرَهُمْ بِالْمُقَامِ، وَأَصْبَحَ خَالِدٌ فَأَغَارَ عَلَى الْقَوْمِ، فَلَمْ يَجِدْ غَيْرَ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَأَخَذَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ، فَأَتَاهُ عَمَّارٌ فَقَالَ: خَلِّ سَبِيلَ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ مُسْلِمٌ، وَقَدْ كُنْتُ أَمَّنْتُهُ وَأَمَرْتُهُ بِالْمُقَامِ. فَقَالَ خَالِدٌ: أَنْتَ تُجِيرُ عَلَيَّ وَأَنَا الْأَمِيرُ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، أَنَا أَجِيرُ عَلَيْكَ وَأَنْتَ الْأَمِيرُ. فَكَانَ فِي ذَلِكَ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ، فَانْصَرَفُوا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَ الرَّجُلِ، فَأَمَّنَهُ النَّبِيُّ ﷺ، وَأَجَازَ أَمَانَ عَمَّارٍ، ونهاه أن يجير بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَمِيرٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ.
قَالَ: وَاسْتَبَّ عَمَّارٌ وَخَالِدٌ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَغْلَظَ عَمَّارٌ لِخَالِدٍ، فَغَضِبَ خَالِدٌ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَدَعُ هَذَا العبد يشتمني؟ فو اللَّه لَوْلَا أَنْتَ مَا شَتَمَنِي- وَكَانَ عَمَّارٌ مَوْلًى لِهَاشِمِ بْنِ الْمُغِيرَةِ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا خَالِدُ، كُفَّ عَنْ عَمَّارٍ فَإِنَّهُ مَنْ يَسُبُّ عَمَّارًا يَسُبُّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يُبْغِضُ عَمَّارًا يُبْغِضُهُ اللَّهُ» . فَقَامَ عَمَّارٌ، فَتَبِعَهُ خَالِدٌ فَأَخَذَ بِثَوْبِهِ وَسَأَلَهُ أَنْ يَرْضَى عَنْهُ، فَرَضِيَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، وَأَمَرَ بِطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ.)
[١٥٤] قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ... الْآيَةَ [٦٠] .
«٣٢٨» - أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَدْلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ،

(٣٢٨) إسناده صحيح.
وعزاه السيوطي في الدر (٢/ ١٧٨) للطبراني وابن أبي حاتم بسند صحيح. وقال الحافظ في الإصابة (٤/ ١٩): وعند الطبراني بسند جيد عن ابن عباس ... فذكره. [.....]

1 / 164