29 -
حدثنا أبو بكر الآجري قال حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال: حدثنا محمد بن سعد العوفي قال: حدثني أبي قال،: حدثني عمي الحسين بن الحسن، عن أبيه، عن جده عطية العوفي، عن ابن عباس، في قول الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون، أياما معدودات} [البقرة: 184] قال
: " كان الصوم ثلاثة أيام في كل شهر، ثم نسخ ذلك بالذي أنزل الله تعالى من صيام شهر رمضان، وهذا
الصوم الأول من العتمة، فمن صلى العتمة حرم عليه الطعام والشراب والجماع إلى القائلة، وجعل الله في هذا الصوم الأول فدية طعام مسكين، فمن شاء من مسافر أو مقيم أن يطعم مسكينا ويفطر، كان ذلك رخصة لهم، فأنزل الله عز وجل في الصوم الآخر إحلال الطعام والشراب وإحلال النكاح بالليل إلى الصباح الذي كان الله
[ص: 157]
عز وجل حرم من الصوم الأول وأنزل في الصوم الأخير: {فعدة من أيام أخر} [البقرة: 184] ، فلم يذكر الله عز وجل في الصوم الآخر فدية طعام مسكين، فنسخت الفدية، وبينها في الصوم الآخر بقوله: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185] وهو الإفطار في السفر، وجعله عدة من أيام أخر، وقوله عز وجل: {" علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم} [البقرة: 187] كان الناس أول ما أسلموا إذا صام أحدهم يصوم يومه حتى إذا أمسى طعم من الطعام فيما بينه وبين العتمة حتى إذا صليت العتمة حرم الله عليه الطعام حتى يمسي من الليلة القابلة، وإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بينا هو قائم إذ سولت له نفسه فأتى أهله لبعض حاجته، فلما اغتسل أخذ يبكي ويلوم نفسه كأشد ما رأيت من الملامة، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أعتذر إلى الله عز وجل ثم إليك من نفسي هذه الخاطئة، فإنها زينت لي مواقعة أهلي، فهل تجد لي من رخصة يا رسول الله؟ فقال: «لم تكن حقيقا بذلك يا عمر» ، فلما بلغ عمر بيته أرسل إليه فأتاه وقد أنزل الله عز وجل عذره في آية من القرآن، فأمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم أن يضعها
[ص: 158]
في المائة الوسطى من سورة البقرة، فقال الله عز وجل: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم، هن لباس لكم، وأنتم لباس لهن، علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم} [البقرة: 187] يعني بذلك الذي فعل عمر " قال محمد بن الحسين: وفي حديث عن معاذ بن جبل وغيره وابن عباس أيضا في حديث غير هذا قالوا: وكانوا إذا صاموا فناموا قبل أن يفطروا لم يحل لأحد منهم الطعام ولا النكاح، فجاء صرمة بن قيس وقد عمل في حائطه وهو شيخ كبير، فضرب برأسه فنام قبل أن يفطر، فاستيقظ فلم يأكل ولم يشرب، فأصبح وهو ضعيف، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: «مالي أراك ضعيفا؟»
[ص: 159]
قال: يا رسول الله كنت يومي أعمل في حائطي، فجئت وأنا معي عياء فضربت برأسي قبل أن أفطر، وجاء عمر بن الخطاب فوقع بامرأته بعد ما نامت، فأنزل الله عز وجل فيهما وفي جميع الناس: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم، هن لباس لكم، وأنتم لباس لهن، علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم، فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم، وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [البقرة: 187] الآية
صفحة غير معروفة