الاربعون حديثا :133
وعلى اي حال ، فان غريزة الغضب موجودة لدى كل انسان ومودعة في باطنه ، ولكنها في بعضهم خامدة منكمشة ، كالنار تحت الرماد . فالواجب على من يلحظ في نفسه حال الخمول والضعف وانعدام الغيرة ان يعالج الحالة بضدها ، ويخرج نفسه مما هي فيه الى حال من الاعتدال . وهذه الحال المحاولة من الشجاعة التي تعد من الملكات الفاضلة والصفات الحسنة ، مما سوف ترد الاشارة اليه .
فصل: في بيان ذم الافراط في الغضب
اذا كانت حال التفريط ونقص الاعتدال من الصفات المذمومة التي تؤدي الى كثير من المفاسد التي ذكرنا بعضها ، كذلك هي حال الافراط وتجاوز حد الاعتدال ، فهي ايضا تعد من الصفات المذمومة التي تقود الى مفاسد كثيرة . ويكفي لتبيان مفاسد هذه الحال ذكر هذا الحديث الشريف الوارد في الكافي .
عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «الغضب يفسد الايمان كما يفسد الخل العسل» (1) .
فقد يصل الغضب بالانسان الى حد الارتداد عن دين الله ، واطفاء نور الايمان ، بحيث ان ظلام الغضب وناره تحرق العقائد الحقة . بل قد يصل الامر الى الكفر الجحودي الذي نتيجته الهلاك الابدي ، ثم ينتبه على نفسه بعد فوات الاوان وحين لا ينفع الندم ويمكن ان تكون نار الغضب ، جمرة الشيطان ، التي وردت في كلام الامام الباقر عليه السلام «ان هذا الغضب جمرة من الشيطان توقد في قلب ابن آدم» (2) صورتها في ذلك العالم ، صورة نار الغضب الالهي .
كما ورد عنه عليه السلام في حديث شريف رواه صاحب «الكافي» :
«مكتوب في التوراة فيما ناجى الله عز وجل به موسى : يا موسى امسك غضبك عمن ملكتك عليه اكف عنك غضبي» (3) .
ولا شك في انه ليست هناك نار اشد من نار غضب الله عذابا . وقد جاء في كتب الحديث ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال : قال الحواريون لعيسى عليه السلام : اي الاشياء اشد ؟ قال اشد الاشياء غضب الله عز وجل ، قالوا بم نتقي غضب الله ؟ قال بان لا تغضبوا (4) .
صفحة ١٣٣