وقيل: كان بين كتفيه عينان مثل سم الخياط يبصر بهما، لا يحجبهما أيضا ثوب ولا غيره، قاله مختار بن محمود الحنفي الزاهدي شارح القدوري من الحنفية.
ورده أبو الفضل قاسم بن سعيد العقباني قائلا هذا مع ما وصف به من كمال الخلقة يشين، ولو أن إنسانا كانت له عينان في قفاه لكان أقبح شيء، وخيال غيره هو قول مرغوب عنه بل ساقط، ونازع بعضهم فيه، وفي القولين قبله بأنها تحتاج لتوقيف من الشارع.
ورواية: (من قفايا) ليست نصا في المراد.
وقيل: بل كانت صورهم تنطبع في حائط قبلته، كما تنطبع في المرآة، فترى أمثلتهم فيها فيشاهد أفعالهم، ورد بأنه يحتاج أيضا إلى توقيف، وظاهر الحديث أن ذلك يختص بحالة الصلاة.
ويؤيده ما أخرجه الحميدي في مسنده، وابن المنذر في تفسيره، والبيهقي عن مجاهد في قوله تعالى: وتقلبك في الساجدين [الشعراء: 219]، قال: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا قام في الصلاة يرى من خلفه كما يرى من أمامه (1).
ويحتمل أن يكون ذلك واقعا في جميع أحواله (صلى الله عليه وسلم) وهو الظاهر، ومذهب أهل الباطن، ومحققي أهل الباطن، ونقل عن مجاهد أيضا وعن جمع من المتقدمين، وعللوه بأنه إنما كان يبصر من خلفه؛ لأنه كان يرى من كل جهة؛ لأنه كان كله نورا، وقد ثبت مثله لكثير من خواص أمته، وما ذاك إلا بما أمدهم الله به من نور مشكاته المفاض عليهم.
وفي الفتوحات في الباب التاسع والستين في معرفة أسرار الصلاة وعمومها ما نصه:
اعلم أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كله وجه بلا قفا، فإنه قال (صلى الله عليه وسلم): «إني أراكم من خلف ظهري»، فأثبت الرؤية لحاله ومقامه، فثبتت الوجهية له، وذكر الخلف والظهر لبشريته (صلى الله عليه وسلم)، فإنهم ما
صفحة ١٠٧