عرضت عليه كنوز الأرض فلم
علما بأن مصيرها لذهاب
وإذا سألت عن العلوم فإنه
لمدينة مفتوحة الأبواب
وقد ذكر غير واحد أنه وقع هذا الوضع مرة أخرى ليلة الإسراء، ففي كتاب لأبي الحسن علي بن غالب، تكلم فيه على أحاديث الحجب نقلا عن أبي الربيع بن سبع في شفاء الصدور، عن ابن عباس قال: قال علي: سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن علم لا يعلمه جبريل، ولا ميكائيل، أعلمني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مما علمه ربه ليلة الإسراء، ثم ذكر الحديث.
وفيه أنه (صلى الله عليه وسلم) قال: «أتاني جبريل وكان السفير بي إلى ربي، إلى أن انتهى إلى مقام، ثم وقف عند ذلك فقلت: يا جبريل، في مثل هذا المقام يترك الخل خله؟ فقال: إن تجاوزته احترقت بالنور» إلى أن قال: يعني النبي (صلى الله عليه وسلم): «وسألني ربي فلم أستطع أن أجيبه. فوضع يده بين كتفي بلا تكييف ولا تحديد، فوجدت بردها بين ثديي، فأورثني علم الأولين والآخرين، وعلمني علوما شتى، فعلم أخذ علي العهد بكتمانه؛ إذ علم أنه لا يقدر على حمله أحد غيري، وعلم خيرني فيه فكنت أسر إلى أبي بكر وإلى عمر وإلى عثمان وإليك يا أبا الحسن، وعلمني القرآن، فكان جبريل (عليه السلام) يذكرني به، وعلم أمرني بتبليغه إلى العام والخاص من أمتي، ولقد عاجلت جبريل (عليه السلام) في آية نزل علي بها، فعاتبني ربي وأنزل علي: ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما [طه:
114]». انتهى المراد منه.
وقد نقله في المواهب اللدنية في المقصد الخامس في الإسراء والمعراج من قوله: (أتاني جبريل) إلى آخره، لكنه جعله من حديث ابن عباس، فأوهم أن ابن عباس رواه بلا واسطة، وليس كذلك.
وقال في آخره: رواه في كتاب شفاء الصدور كما ذكره ابن غالب، والعهدة في ذلك عليه انتهى.
صفحة ٩٩