حسنا وستأتي بقية الكلام في ترجمة الشيخ جعفر الخطي إن شاء الله.
وهذه الجزيرة أعني البحرين أحسن المدن الثلاث جامعية للكمال لكثرة العلماء فيها والمتعلمين والأتقياء الورعين والشعراء والأدباء والمتأدبين وخلص الشيعة المتقدمين وكثرة المدارس والمساجد وفحول العلماء الأماجد وهي مع ذلك ذات نخيل وأشجار وعيون وأنهار وأرضها قابلة لكل الزراعات وبها مغاص الدر الجيد من جميع الجهات إلا أنه قد عصفت بها الآن عواصف الأيام ولعبت بأهلها حوادث الدهور والأعوام التي لا تنيم ولا تنام فشتتت شمل أهاليها وبددت نظم قاطنيها وفرقتهم في كل مكان وفرقتهم أيدي سبا من أهل الجور والعدوان كما قيل :
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا * أنيس ولم يسمر بمكة سامر بلى نحن كنا أهلها فأبادنا * صروف الليالي والجدود العواثر فصارت أكثر رسومها عافية، وبيوتهم على عروشها خاوية وخلت من السمير والمسامر وانعكست عكس النقيض فكانت كما قال الشاعر:
تنكر منها عرفها فأهيلها * غريب وفيها الأجنبي أهيل وأقفرت من أهلها الربوع والمساجد ودرست من أهلها المدارس والمعابد فتجد أكثر قراها رسوما داثرة والقليل بآثار تحكي نضارة أهلها خرابا غير عامرة وقد عمرت أهلها أكثر الأطراف والبلدان ونشروا فيها شعائر الإسلام والإيمان فأكثر العلماء الموجودين ومن سلف في البلدان القريبة كالقطيف وأبي شهر وأطراف فارس ولنجة ومسقط وميناء والمحمرة وأطرافها والبصرة وشيراز وكثير من أطراف العراق والعجم منهم حديثون ومنهم قديمون فكانت مصداق المثل
صفحة ٤٩