176

أنموذج جليل في أسئلة وأجوبة عن غرائب آي التنزيل

محقق

د. عبد الرحمن بن إبراهيم المطرودى

الناشر

دار عالم الكتب المملكة العربية السعودية

رقم الإصدار

الأولى،١٤١٣ هـ

سنة النشر

١٩٩١ م

مكان النشر

الرياض

فإن قيل: كيف قال تعالى: (تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ) وانبائهم بما في قلوبهم تحصيل الحاصل، لأنهم عالمون به فما فائدته؟
قلنا: معناه تنبئهم بأسرارهم وما كتموه من النفاق شائعة ذئعة، وتفضحهم بظهور ما اعتقدوا أنه لا يعرفه غيرهم، ولا يطلع عليه سواهم، وهذا ليس تحصيل الحاصل.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) وقال بعده: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) وكلمة (من) أدل على المشابهة والمجانسة من حيث إنها تقتضى الجزئية والبعضية، فكانت بالمؤمنين أولى وأحرى، لأنهم
أشد تشابها وتجانسا في الصفات والأخلاق؟
قلنا: المراد بقوله تعالى: (بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ)
أى بعضهم على دين بعض، أي على عادتهم وخلقهم بإضمار لفظة الدين والخلق ونحوه، لأن (من) تأتى بمعنى (على)، ومنه قوله تعالى: (وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا) وقوله تعالى: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ)
أى يحلفون على وطءِ نسائهم، وهذا المعنى هو المراد في قوله ﵊: "فمن رغب عن سنتى فليس منى "، وقوله ﵊: "من غشنا فليس منا"، والمراد بقوله

1 / 175