الأموال لابن زنجويه
محقق
الدكتور شاكر ذيب فياض، الأستاذ المساعد - بجامعة الملك سعود
الناشر
مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
مكان النشر
السعودية
حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ
٢٤٠ - ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ، أنا ثَابِتُ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ سَرَّحَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَخَالِدَ بْنِ الْوَلِيدِ عَلَى الْخَيْلِ، وَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، اهْتِفْ بِالْأَنْصَارِ»، فَنَادَى: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ⦗٢٠٢⦘: فَكَأَنَّمَا كَانُوا عَلَى مِيعَادٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «اسْلُكُوا هَذَا الطَّرِيقَ، فَلَا يَشْرُفَنَّ أَحَدٌ، إِلَّا أَنَمْتُمُوهُ» فَنَادَى مُنَادٍ: لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مِنْ دَخَلَ دَارًا فَهُوَ آمَنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمَنٌ» . فَلَمْ يُصَبْ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ إِلَّا أَرْبَعَةٌ، وَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ، فَدَخَلَ الْحَرَمَ، وَعَمَدَ صَنَادِيدُ قُرَيْشٍ، فَدَخَلُوا الْكَعْبَةَ، فَغَصَّ بِهِمُ الْبَيْتُ، فَجَاءَ النَّبِيُّ ﷺ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ، ثُمَّ أَخَذَ بِجَنْبَتَيِ الْبَابِ، فَقَالَ: «يَا قُرَيْشٌ، مَا تَقُولُونَ وَتَظُنُّونَ؟» قَالُوا: نَقُولُ وَنَظُنُّ أَنَّكَ أَخٌ وَابْنُ عَمٍّ حَلِيمٍ رَحِيمٍ. قَالَ: «وَمَا تَقُولُونَ وَمَا تَظُنُّونَ؟» قَالُوا: نَقُولُ إِنَّكَ أَخٌ وَابْنُ عَمٍّ حَلِيمٌ رَحِيمٌ. قَالَ: «مَا تَقُولُونَ وَتَظُنُّونَ؟» قَالُوا: نَقُولُ: أَخٌ وَابْنُ عَمٍّ حَلِيمٌ رَحِيمٌ. قَالَ: " أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي يُوسُفَ: ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [يوسف: ٩٢] ". قَالَ: فَخَرَجُوا فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ مِنَ الْبَابِ الَّذِي يَلِي الصَّفَا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِنَصْرِهِ وَعَوْنِهِ. قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ قَالَتِ الْأَنْصَارُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَخَذْتُهُ رَأْفَةٌ بِقَوْمِهِ، وَأَدْرَكَتْهُ الرَّغْبَةُ فِي قَرَابَتِهِ. قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ عَلَى نَبِيِّهِ ﵇ بِمَا قَالَتِ الْأَنْصَارُ. فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، وَتَقُولُونَ: أَمَّا الرَّجُلُ، فَأَخَذْتُهُ الرَّأْفَةُ بِقَوْمِهِ وَأَدْرَكَتْهُ الرَّغْبَةُ فِي قَرَابَتِهِ، فَمَنْ أَنَا إِذًا؟ كَلَّا وَاللَّهِ، إِنِّي لِرَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. وَإِنَّ الْمَحْيَا لَمَحْيَاكُمْ، وَإِنَّ الْمَمَاتَ لَمَمَاتُكُمْ ". قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِأَبِينَا أَنْتَ وَأَمِّنَا، مَا قُلْنَا ذَلِكَ إِلَّا مَخَافَةَ أَنْ تُفَارِقَنَا وَتَدَعَنَا فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ صَادِقُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ» . قَالَ: وَاللَّهُ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ إِنْسَانٌ إِلَّا بَلَّ نَحْرَهُ بِدُمُوعِ عَيْنَيْهِ ⦗٢٠٣⦘. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ
٢٤١ - قَالَ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عُبَيْدٍ: فَقَدْ صَحَّتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَنَّهُ افْتَتَحَ مَكَّةَ عَنْوَةً، وَأَنَّهُ مَنَّ عَلَى أَهْلِهَا، فَرَدَّهَا عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُقَسِّمْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا فَيْئًا. فَرَأَى بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ جَائِزٌ لِلْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ وَلَا نَرَى مَكَّةَ يُشْبِهُهَا شَيْءٌ مِنَ الْبِلَادِ مِنْ جِهَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ خَصَّهُ مِنَ الْأَنْفَالِ وَالْغَنَائِمِ، بِمَا لَمْ يَجْعَلْهُ لِغَيْرِهِ، فَنَرَى هَذَا كَانَ خَالِصًا لَهُ. وَالْجِهَةُ الْأُخْرَى: أَنَّهُ قَدْ سَنَّ بِمَكَّةَ سُنَنًا، لَمْ يَسُنَّهَا لِشَيْءٍ مِنْ سَائِرِ الْبِلَادِ. وَذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ
1 / 201