الأموال لابن زنجويه
محقق
الدكتور شاكر ذيب فياض، الأستاذ المساعد - بجامعة الملك سعود
الناشر
مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
مكان النشر
السعودية
١٠٥٧ - ثنا يَحْيَى، وَعَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْحَكَمِ، قَالَا: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الزَّرْعِ شَيْءٌ، وَتُرَدُّ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ» ⦗٦٤٢⦘. أَنَا حُمَيْدٌ
١٠٥٨ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ، أَنَّهُ لَا يَطِيبُ لِلزَّارِعِ مِنْ رِيعِ ذَلِكَ الزَّرْعِ شَيْءٌ إِلَّا قَوْلَهُ «نَفَقَتُهُ» وَيَتَصَدَّقُ بِعَمَلِهِ عَلَى الْمَسَاكِينَ، وَهَذَا عَلَى وَجْهِ الْفُتْيَا وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ ﷺ قَضَى عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ بِنَفَقَةِ الزَّرْعِ وَجَعَلَ الزَّرْعَ كُلَّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ طَيِّبًا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ حُكْمُ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ، فَقَضَى بِقَلْعِ النَّخْلِ وَلَمَّ يَقْضِ بِقَلْعِ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَوَصَّلَ فِي الزَّرْعِ، إِلَى أَنْ تَرْجِعَ الْأَرْضُ إِلَى رَبِّهَا مِنْ غَيْرِ فَسَادٍ وَلَا ضَرَرٍ يُتْلِفُ بِهِ الزَّرْعَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ سَنَتَهُ تِلْكَ وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ بَاقٍ فِي الْأَرْضِ، فَإِذَا انْقَضَتِ السَّنَةُ، رَجَعَتِ الْأَرْضُ إِلَى رَبِّهَا، وَصَارَ لِلْآخَرِ نَفَقَتُهُ، فَكَانَ هَذَا أَدْنَى إِلَى الرَّشَادِ مِنْ قَطْعِ الزَّرْعِ بَقْلًا، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ، وَلَيْسَ النَّخْلُ كَذَلِكَ، لِأَنَّ أَصْلَهُ مُخَلَّدٌ فِي الْأَرْضِ، لَا يُوصَلُ إِلَى رَدِّ الْأَرْضِ إِلَى رَبِّهَا، بِوَجْهٍ مِنَ الْوجُوهِ وَإِنْ تَطَاوَلَ مَكْثُ النَّخْلِ فِيهَا إِلَّا بِنَزْعِهَا، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَقْتٌ يُنْتَظَرُ، لَمْ يَكُنْ لِتَأْخِيرِ نَزْعِهَا وَجْهٌ، فَلِذَلِكَ كَانَ الْحُكْمُ فِيهَا تَعْجِيلُ قَلْعِهَا عِنْدَ الْحُكْمِ، ⦗٦٤٣⦘ فَهَذَا الْفَرَقُ بَيْنَ الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِذَلِكَ. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ الْبِنَاءُ، مِثْلُ النَّخْلِ عِنْدِي
2 / 641