فيها سعاية ثانية» [١١٥] أمّا هذه السعاية فهي- كما تستشفّ من الأبيات- تحريض أولي الأمر في نيسابور على مصادرة ما خلّفه أبوبكر لابنه من إرث:
تحمّلت فيك من الحزن ما ... تحمّله ابنك من صامت [١١٦]
وهكذا طويت صفحة حياة أبي بكر- عليه رحمة الله- بمؤامرة من خصومه- وهو ابن ستين سنة أو يكاد- نفّذها لهم بديع الزمان الهمذاني، وواصلها بعد وفاته، وهو- بزعمه- يرثيه.
والآن وقد عرفنا حياة أبي بكر- وهي حياة مضطربة تعاورتها السجون والأسفار- نقول:
إنّه لا اضطراب حياته ولا مجالس أنسه منعاه من أن يكون أستاذا ملء السمع والبصر يفد عليه تلاميذه من نيسابور ومن خارج نيسابور [١١٧]، فكان له منهم كثرة كاثرة لم يبق لنا من أسمائهم إلّا ما لا يكاد يذكر، فمن تلاميذه: أبو منصور عبد الملك بن محمّد الثعالبيّ النيسابوري المتوفى سنة ٤٢٩ هـ، فقد رأينا في مقدّمة فقه اللغة وفي اليتيمة وفي سواهما من كتبه ما يدلّ دلالة واضحة على هذه التلمذه، فضلا عن نصّ ابن الأنباري عليها.
_________
[١١٥] اليتيمة ٤: ٢٠٩.
[١١٦] نفسه، وفي معجم الأدباء ١: ١١٦ أرجوزة للبديع يهجو بها أبابكر ويتّهم فيها ابنه عليّا بعلة البغاء. ويهمنا من هذا أنه يوم مات كان له ولد اسمه: عليّ.
[١١٧] ينظر رسائله: ١١٤؛ واليتيمة ٤: ٤٤٦. وفيهما حديث عن تلميذين من خارج نيسابور.
1 / 39