164

أخبرنا أبو أحمد محمد بن علي العبدكي، قال: حدثنا إسحاق بن العباس بن إسحاق بن موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي، عن أبيه إسحاق بن موسى، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن الحسين بن علي عليهم السلام، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لأصحابه وهم بحضرته: تعلموا العلم، فإن تعلمه حسنة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وإفادته صدقة، وبذله لأهله قربة، وهو معالم الحلال والحرام، ومسالكه سبل الجنة، مؤنس من الوحدة، وصاحب في الغربة، وعون في السراء والضراء، ويد على الأعداء، وزين عند الأخلاء، يرفع الله به أقواما، فيجعلهم في الخير أئمة يقتدى بهم ترمق أعمالهم وتقتص آثارهم، ترغب الملوك في خلتهم، والسادة في عشرتهم، والملائكة في صفوتهم؛ لأن العلم حياة القلوب من الخطايا، ونور الأبصار من العمى، وقوة الأبدان على الشنأن، ينزل الله حامله الجنان، ويحله محل الأبرار. بالعلم يطاع الله ويعبد، وبالعلم يعرف الله ويوحد، بالعلم تفهم الأحكام، ويفصل به بين الحلال والحرام يمنحه الله السعداء، ويحرمه الله على(1) الأشقياء.

أخبرنا أبي رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا أبو أحمد إسحاق بن محمد المقرئ الكوفي، قال: حدثنا جعفر بن محمد الصيدلاني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم الرازي، عن عيسى بن نعيم المروزي، عن أبي الوزان، الدينوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده،

عن أبيه عليهم السلام، قال: قال لي علي عليه السلام: قوام الدنيا بأربعة: بعالم ناطق بعلمه عامل به. وبغنى لا يبخل بفضل ماله على أهل دين الله. وبفقير لا يبيع آخرته بدنياه. وبمتعلم لا يستكبر عن طلب العلم.

فإذا بخل العالم بعلمه، وبخل الغني بفضل ماله على أهل دين الله، وباع الفقير آخرته بدنياه، واستكبر الجاهل عن طلب العلم، رجعت الدنيا إلى بدئها، فلا تغرنكم كثرة المساجد، وأجساد مختلفة.

قيل: يا أمير المؤمنين، فما العيش في ذلك الزمان؟ قال: خالطوهم في الظاهر، وخالفوهم في الباطن، وتوقعوا فيما بين ذلك الفرج من الله عز وجل.

صفحة ١٦٣