وتناهوا في قذف الأئمة الماضين وثلب أهل الحق وعصابة الدين ، ولعنهم في الجوامع والمشاهد ، والمحافل والمساجد ، والأسواق والطرقات ، والخلوة والجماعات ، ثم غرهم الطمع والإهمال ومدهم في طغيانهم الغي والضلال ، إلى الطعن فيمن يعتضد به أئمة الهدى وهو للشريعة العروة الوثقى ، وجعلوا أفعاله الدينية معاصي دنية ، وترقوا من ذلك إلى القدح في الشافعي رحمة الله عليه وأصحابه ، واتفق عود الشيخ الإمام الأوحد أبي نصر ابن الأستاذ الإمام زين الإسلام أبي القسم القشيري رحمه الله من مكة حرسها الله ، فدعا الناس إلى التوحيد وقدس البري عن الحوادث والتحديد ، فاستجاب له أهل التحقيق من الصدور الأفاضل والسادة الأماثل .
وتمادت الحشوية في ضلالتها ، والإصرار على جهالتها ، وأبوا إلا التصريح بأن المعبود ذو قدم وأضراس ولهوات وأنامل، وإنه ينزل بذاته ويتردد على حمار في صورة شاب أمرد بشعر قطط ، وعليه تاج يلمع ، وفي رجليه نعلان من ذهب ! وحفظ ذلك عنهم وعللوه ، ودونوه في كتبهم وإلى العوام ألقوه، وأن هذه الأخبار لاتأويل لها ، وأنها تجري على ظواهرها ، وتعتقد كما ورد لفظها ، وإنه تعالى يتكلم بصوت كالرعد كصهيل الخيل ! وينقمون على أهل الحق لقولهم إن الله تعالى موصوف بصفات الجلال ، منعوت بالعلم والقدرة والسمع والبصر والحياة والإرادة والكلام ، وهذه الصفات قديمة وإنه يتعالى عن قبول الحوادث، ولا يجوز تشبيه ذاته بذات المخلوقين ، ولا تشبيه كلامه بكلام المخلوقين .
ومن المشهور المعلوم أن الأئمة الفقهاء على اختلاف مذاهبهم في الفروع كانوا يصرحون بهذا الإعتقاد ويدرسونه ، ظاهرا مكشوفا لأصحابهم ومن هاجر من البلاد إليهم ، ولم يتجاسر أحد على إنكاره ، ولا تجوز متجوز بالرد عليهم ، دون القدح والطعن فيهم ، وإن هذه عقيدة أصحاب الشافعي رحمة الله عليه ، يدينون الله تعالى بها ). انتهى.؟!
صفحة ٢٩