الرسالة التدمرية
الناشر
المطبعة السلفية
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٩٩ هجري
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
العقائد والملل
فِي ذَلِكَ بَيْنَ كُرَةٍ وَكُرَةٍ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ لِبَعْضِهَا مَلَائِكَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تَحْمِلُهَا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ نَظِيرِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ﴾ الآية [الزمر: ٧٥].
فَذَكَرَ هُنَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَحُفُّ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ لَهُ حَمْلَةً، وَجَمَعَ فِي مَوْضِعٍ ثَالِثٍ بَيْنَ حَمَلَتِهِ وَمَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾
أَيْضًا، فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ عَرْشَهُ كَانَ عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء﴾ [هود: ٧].
وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ "، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: " كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ "، وَفِي رِوَايَةٍ لِغَيْرِهِ صَحِيحَةٍ: " كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مَعَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ كَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ " وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: " إنَّ اللَّهَ قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ " وَهَذَا التَّقْدِيرُ بَعْدَ وُجُودِ الْعَرْشِ وَقَبْلَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بِخَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ.
وَهُوَ ﷾ مُتَمَدِّحٌ بِأَنَّهُ ذُو الْعَرْشِ، كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إذًا لَابْتَغَوْا إلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ٢٤]، وقَوْله تَعَالَى:
1 / 8