المغني شرح مختصر الخرقي
محقق
عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو
الناشر
دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع
الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤١٧ هجري
مكان النشر
الرياض
عن خُزَيْمَةَ (٢)، قال: سُئِلَ النبيُّ ﷺ عن الاسْتِطابةِ، فقال: "بِثَلَاثةِ أحْجارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ (٣) ". فلولا أنه أراد الحَجَرَ وما في معناه لم يَسْتَثْنِ منها الرَّجِيعَ، لأنَّه لا يحتاجُ إلى ذِكْرِه، ولم يكن لتَخْصِيصِ الرَّجِيعِ بالذِّكْرِ مَعْنًى. وفي حديثِ سَلْمان، عن النبيِّ ﷺ، إنَّه ليَنْهانَا أن نَسْتَنْجِىَ بأقَلَّ مِن ثلاثةِ أحْجارٍ، وأن نَسْتَجْمِرَ بَرجِيعٍ أو عَظْمٍ. رواهُ مُسْلم (٤)، وتَخْصِيصُ هذيْن بالنَّهْىِ عنهما يدلُّ على أنَّه أرادَ الحِجارَةَ، وما قام مَقَامَها. ورَوَى طَاوُس، عن النبيِّ ﷺ، أنَّه قال: "إذا أتَى أحَدُكُم البَرَازَ فَلْيُنَزِّهْ قِبْلَةَ اللهِ، ولا يَسْتَقْبِلْهَا ولَا يَسْتَدْبِرْهَا، ولْيَسْتَطِبْ بِثَلَاثةِ أحْجَارٍ، أو ثَلَاثةِ أعْوَادٍ، أو ثلاثِ حَثَياتٍ مِنْ تُرابٍ". رَواهُ الدَّارقُطْنِىُّ (٥)، وقال: وقد رُوِىَ عن ابنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، والصَّحيحُ أنه مُرْسَلٌ ورَواهُ سعيدٌ، في "سُنَنِه" مَوْقُوفًا على طَاوُس. ولأنَّه متى وَرَدَ النَّصُّ بشيءٍ لِمَعْنًى مَعْقُولٍ، وَجَبَ تَعْدِيتُه إلى ما وُجِدَ فيه المَعْنَى، والمَعْنَى ههُنَا إزالةُ عَيْنِ النَّجاسةِ، وهذا يَحْصُلُ بغيرِ الأَحْجارِ، كحُصُولِه بها، وبهذا يَخْرُجُ التَّيَمُّمُ؛ فإنَّه غيرُ مَعْقُولٍ، ولا بُدَّ أن يكونَ ما يُسْتَجْمَرُ به مُنَقِّيًا؛ لأنَّ الإِنْقَاءَ مُشْتَرَطٌ في الاسْتِجْمارِ، فأمَّا الزَّلِجُ كالزُّجَاجِ والفَحْمِ الرِّخْوِ وشِبْههما ممَّا لا يُنَقِّى، فلا يُجْزِىءُ؛ لأنه لا يَحْصُلُ منه المقصودُ. ويُشْتَرَط كَوْنُه طاهِرًا، فإنْ كان نَجِسًا لم يُجْزِه، وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنِيفة: يُجْزِئُه؛ لأنَّه يُجَفِّفُ كالطَّاهِرِ. ولنَا، أنَّ ابنَ مَسْعُودٍ جاء إلى النبيِّ ﷺ بحَجَرَيْن ورَوْثَةٍ يَسْتَجْمِرُ بها، فأخَذَ الحَجَرَيْنِ وألْقَى الرَّوْثَة، وقال: "هذِهِ رِكْسٌ". رَواهُ البُخَارِىُّ (٦)، وفى لَفْظٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ (٧)، قال: "إِنَّها رِكْسٌ". يعني
(٢) أي ابن ثابت.
(٣) الرجيع: هو الخارج من الإنسان والحيوان، يشمل الروث والعذرة.
(٤) في: باب الاستطابة، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم ١/ ٢٢٣.
(٥) في: باب الاستنجاء، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني ١/ ٥٧.
(٦) في: باب لا يستنجى بروث، من كتاب الوضوء. صحيح البخاري ١/ ٥١، وفيه: "هذا ركس". وأخرجه أيضًا، بهذا اللفظ، النسائي، في: باب الرخصة في الاستطابة بحجرين، من كتاب الطهارة. المجتبى ١/ ٣٧. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٤١٨، ٤٦٥.
(٧) في: باب الاستنجاء بالحجرين، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ٣٤. وأخرجه أيضًا الإمام =
1 / 214