الخراج
محقق
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
الناشر
المكتبة الأزهرية للتراث
رقم الإصدار
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
سنة النشر
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
قُمْتُ مَقَامِي هَذَا فَلَقِيَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَعْدَ خُرُوجِي مِنْ عِنْدِ عُمَرَ ﵁ فَقَالَ: يَا عَلِيُّ لَقَدْ حَرَمْتَنَا الْغَدَاةَ شَيْئًا لَا يُرَدُّ عَلَيْنَا أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا يَسْأَلُهُ عَنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى: لِمَنْ هُوَ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَتَبْتَ إِلَيَّ تَسْأَلُنِي عَنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى، لِمَنْ هُوَ، وَهُوَ لَنَا، وَإِنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ دَعَانَا إِلَى أَنْ نَنْكِحَ مِنْهُ أَيِّمَنَا، وَنَقْضِي مِنْهُ عَنْ مُغْرِمِنَا، وَنَخْدِمُ مِنْهُ عَائِلَتَنَا. فَأَبَيْنَا إِلا أَنْ يُسَلِّمَهُ لَنَا، وَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّةِ١ قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ: سهم الرَّسُول عَلَيْهِ [الصَّلَاة] وَالسَّلَام، وَسَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى؛ فَقَالَ قَوْمٌ: سَهْمُ الرَّسُولِ لِلْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ، وَقَالَ آخَرُونَ: سَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى لقرابة الرَّسُول ﵊، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: سَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى لِقَرَابَةِ الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ؛ فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ جَعَلُوا هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ فِي الْكِرَاعِ٢ وَالسِّلاحِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعَثَ بِسَهْمِ الرَّسُولِ وَسَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى إِلَى بني هَاشم.
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَكَثْرُ فُقَهَائِنَا يَرَوْنَ أَنْ يُقَسِّمَهُ الْخَلِيفَةُ عَلَى مَا قَسَّمَهُ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ.
أَنْوَاع الْغَنِيمَة الَّتِي تقسم:
قَالَ أَبُو يُوسُف: فَعَلَى هَذَا تُقَسَّمُ الْغَنِيمَةُ؛ فَمَا أصَاب املسلمون مِنْ عَسَاكِرِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَمَا أَجْلَبُوا بِهِ مِنَ الْمَتَاعِ وَالسِّلاحِ وَالْكِرَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ كُلِّ مَا أُصِيبَ فِي الْمَعَادِنِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ؛ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ الْخُمُسُ -فِي أَرْضِ الْعَرَبِ كَانَ أَوْ فِي أَرْضِ الْعَجَمِ- وَخُمُسُهُ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ مَوَاضِعِ الصَّدَقَاتِ، وَفِيمَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ مِنْ حِلْيَةٍ وَعَنْبَرٍ؛ فَالْخُمُسُ يُوضَعُ فِي مَوَاضِعِ الْغَنَائِمِ عَلَى مَا قَالَ اللَّهُ ﷿ فِي كِتَابِهِ: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْن السَّبِيل﴾ [الْأَنْفَال: ٤١] .
_________
١ ابْن عَليّ بن أبي طَالب وَالْحَنَفِيَّة امْرَأَة من بني حنيفَة تزَوجهَا الإِمَام بعد وَفَاة فَاطِمَة الزهراء ﵁ الْجَمِيع.
٢ لفظ الكراع يجمع الْخَيل وَالسِّلَاح.
1 / 31