الخراج
محقق
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
الناشر
المكتبة الأزهرية للتراث
رقم الإصدار
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
سنة النشر
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
فَصْلٌ: فِي أَهْلِ الدِّعَارَةِ ١ وَالتَّلَصُّصِ وَالْجِنَايَاتِ وَمَا يَجِبُ فِيهِ مِنَ الْحُدُود
قَالَ أَبُو يُوسُف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَمْرِ أَهْلِ الدَّعَارَةِ وَالْفِسْقِ والتلصص إِذا أخذُوا أَي شَيْءٍ مِنَ الْجِنَايَاتِ وَحُبِسُوا هَلْ يَجْرِي عَلَيْهِمْ مَا يَقُوتُهُمْ فِي الْحَبْس الَّذِي يجْرِي عَلَيْهِم من الصَّدَقَة؟ وَمَا يَنْبَغِي أَن يعلم بِهِ فيهم.
على من تجب نَفَقَة المسجون ومعاملته:
قَالَ: لَا بُد لِمَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ يَأْكُلُ مِنْهُ لَا مَالٌ وَلا وَجْهُ شَيْءٍ يُقِيمُ بِهِ بَدَنَهُ أَنْ يُجْرَى عَلَيْهِ مِنَ الصَّدَقَةِ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، مِنْ أَيِّ الْوَجْهَيْنِ فَعَلْتَ؛ فَذَلِكَ مُوَسَّعٌ عَلَيْكَ، وَأَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ تُجْرِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَقُوتُهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يحل وَلَا يسمع إِلا ذَلِكَ.
قَالَ: وَالأَسِيرُ مِنْ أسرى الْمُشْركين لَا بُد أَنْ يُطْعَمَ وَيُحْسَنَ إِلَيْهِ حَتَّى يُحْكَمَ فِيهِ؛ فَكَيْفَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ قَدْ أَخْطَأَ أَوْ أَذْنَبَ: يُتْرَكُ يَمُوتُ جُوعًا؟ وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى مَا صَارَ إِلَيْهِ الْقَضَاءُ أَوِ الْجَهْلُ، وَلَمْ تَزَلِ الْخُلَفَاءُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تُجْرِي عَلَى أَهْل السُّجُونِ مَا يَقُوتُهُمْ فِي طَعَامِهِمْ وَأَدَمِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ الشِّتَاءَ وَالصَّيْفَ، وَأَوَّلُ من فعل ذَلِك عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁ بِالْعِرَاقِ، ثُمَّ فَعَلَهُ مُعَاوِيَةُ بِالشَّامِ، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ الْخُلَفَاءُ مِنْ بَعْدِهِ.
قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: كَانَ عَليّ ابْن أَبِي طَالِبٍ إِذَا كَانَ فِي الْقَبِيلَةِ أَوِ الْقَوْمِ الرَّجُلُ الدَّاعِرُ حَبَسَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ: يُحْبَسُ عَنْهُمْ شَرُّهُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ مَالِهِمْ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا بَعْضُ أَشْيَاخِنَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَرْقَانَ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ "لَا تَدَعُنَّ فِي سُجُونِكُمْ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي وَثَاقٍ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُصَلِّي قَائِمًا، وَلا تُبِيتُنَّ فِي قَيْدٍ إِلا رَجُلا مَطْلُوبًا بِدَمٍ، وَأَجْرُوا عَلَيْهِمْ مِنَ الصَّدَقَةِ مَا يصلحهم فِي طعامهم
١ أهل الشَّرّ وَالْفساد.
1 / 163