157

الخراج

محقق

طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد

الناشر

المكتبة الأزهرية للتراث

رقم الإصدار

طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة

سنة النشر

أصح الطبعات وأكثرها شمولا

طَلَبُوا الصُّلْحَ مِنْهُ عَلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ؛ فَكَانَ وَلِيُّ الصُّلْحِ عَنْهُمْ هَانِئُ بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ؛ فَصَالَحَهُ عَنْهُمْ عَلَى ثَمَانِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلَ بَانِقْيَا عَلَى شَطِّ الْفُرَاتِ؛ فَقَاتَلُوهُ لَيْلَةً إِلَى الصَّبَاحِ وَحَاصَرَهُمْ وَاشْتَدَّ قِتَالُهُمْ فاتتحها بِقُوَّة الله تَعَالَى وعونه، وَفِيه أَسَاوِرَةٌ كَانَ كِسْرَى صَيَّرَهُمْ فِيهَا فَقَتَلَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيهِمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَحْرَقَ الْحِصْنَ وَهَدَمَهُ؛ فَلَمَّا رَأَى أَهْلُ بَانِقْيَا ذَلِكَ طَلَبُوا الصُّلْحَ مِنْهُ فَأَعْطَاهُمْ. ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى قَرْيَةٍ بِالسَّوَادِ؛ فَلَمَّا أَقْحَمَ جَرِيرٌ الْفُرَاتَ لِيَعْبُرَ إِلَى أَهْلَ الْقَرْيَةِ، نَادَاهُ دَهْقَانُهَا صُلُوبَا: لَا تَعْبُرْ، أَنَا أَعْبُرُ إِلَيْكَ؛ فَعَبَرَ إِلَيْهِ فَصَالَحَهُ عَلَى مِثْلِ مَا صَالَحَهُ عَلَيْهِ أَهْلُ بَانِقْيَا وَأَعْطَاهُ الْجِزْيَةَ، وَصَالَحَهُ أَهْلُ مَارُوسَمَا وَمَا حَوْلَهَا مِنَ الْقُرَى عَلَى مَا صَلَاحه عَلَيْهِ أَهْلُ الْحِيرَةِ. ثُمَّ إِنَّ خَالِدًا رَجَعَ إِلَى النَّجَفِ فَاسْتَبْطَنَ بَطْنَ النَّجَفِ وَأَخَذَ الأَدِلاءَ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ؛ حَتَّى انْتَهَى إِلَى عَيْنِ التَّمْرِ فَنَزَلَ بِعَيْنِ التَّمْرِ وَبِهَا رَابِطَةٌ لِكِسْرَى فِي حِصْنٍ؛ فَحَاصَرَهُمْ حَتَّى اسْتَنْزَلَهُمْ فَقَتَلَهُمْ وَسَبَى نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيهِمْ، وَأَخَذَ مَا كَانَ فِي الْحِصْنِ مِنَ الْمَتَاعِ وَالسِّلاحِ وَالدَّوَابِ، وَأَحْرَقَ الْحِصْنَ وَخَرَّبَهُ، وَقَتَلَ دَهْقَانَ عَيْنِ التَّمْرِ، وَكَانَ رَجُلا مِنَ الْعَرَبِ وَسَبَى نِسَاءَهُ وَذَرَارِيَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ، وَأَعْطَاهُ أَهْلَ عَيْنِ التَّمْرِ الْجِزْيَةَ كَمَا أَعْطَاهُ أَهْلُ الْحِيرَةِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى، وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا عَلَى مَا كَتَبَ لأَهْلِ الْحِيرَةِ، وَكَذَلِكَ لأَهْلِ أُلَّيْسَ فَهُوَ عِنْدَهُمْ. ثُمَّ بَعَثَ سَعْدَ بْنَ عَمْرٍو الأَنْصَارِيَّ فِي جَمْعٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى صَنْدُودِيَا، وَفِيهَا قَوْمٌ مِنْ كِنْدَةَ وَمِنْ أَيَادٍ نَصَارَى؛ فَحَاصَرَهُمْ أَشَدَّ الْحِصَارِ ثُمَّ صَالَحَهُمْ عَلَى جِزْيَةٍ يُؤَدُّونَهَا إِلَيْهِ، وَأَسْلَمَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ. وَأَقَامَ سَعْدَ بْنَ عَمْرٍو بِمَوْضِعِهِ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُم حَتَّى مَاتَ؛ فَوَلَدُهُ هُنَاكَ إِلَى الْيَوْم. ذهَاب خَالِد إِلَى الشَّام لمساندة جَيش الْمُسلمين هُنَاكَ: وَكَانَ خَالِدٌ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ الْحِيرَةَ دَارًا يُقِيمَ بِهَا فَأَتَاهُ كتاب أبي بكرالصديق رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَأْمُرُهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى الشَّامِ مَدَدًا لأَبِي عُبَيْدَة وَالْمُسْلِمين؛ فَأخْرج خَالِد بن الْوَلِيدِ الْخُمُسَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَعَ مَا أَخَذَ مِنَ الْجِزْيَةِ وَالسَّبْيِ وَقَسَّمَ الأَرْبَعَةَ الأَخْمَاسَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ مَعَهُ؛ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ ﵁ أَنِ الْحَقْ بِأَبِي عُبَيْدَةَ -حِينَ أَتَاهُ كتاب أبي عُبَيْدَة

1 / 159