الخراج
محقق
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
الناشر
المكتبة الأزهرية للتراث
رقم الإصدار
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
سنة النشر
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
مِنْ مَوَاشِي نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ، وَيُؤْخَذُ مِنْهَا مَا يَجِبُ عَلَيْهَا فِي دَارِهَا فَإِنَّ سَبِيلَ ذَلِكَ أَجْمَعُ كَسَبِيلِ الْخَرَاجِ يُقَسَّمُ فِيمَا يقسم يه الْخراج، وَلَيْسَ هَذَا كواضع الصَّدَقَةِ وَلا كَمَوَاضِعِ الْخُمُسِ قَدْ حَكَمَ اللَّهُ ﷿ فِي الصَّدَقَةِ حُكْمًا قَسَّمَهَا عَلَيْهِ؛ فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَسَّمَ الْخُمُسَ قَسْمًا بَقِي عَلَيْهِ، فَلَيْسَ لِلنَّاسِ أَنْ يَتَعَدَّوْا ذَلِكَ وَلا يخالفوه.
الوصاة بِأَهْل الذِّمَّة وعقاب من أَسَاءَ إِلَيْهِم:
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَقَدْ يَنْبَغِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَيَّدَكَ اللَّهُ أَنْ تَتَقَدَّمَ فِي الرِّفْقِ بِأَهْلِ ذِمَّةِ نَبِيِّكَ وَابْنِ عَمِّكَ مُحَمَّدٍ ﷺ وَالتَّفَقُّدِ لَهُمْ حَتَّى لَا يُظْلَمُوا وَلا يُؤْذَوْا وَلا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ وَلا يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ إِلا بِحَقٍّ يَجِبُ عَلَيْهِمْ؛ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ فَأَنَا حَجِيجُهُ".
وَكَانَ فِيمَا تَكَلَّمَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ عِنْدَ وَفَاتِهِ "أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِنَّ يُوَفِّيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتِلَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَلا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ".
قَالَ: وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بن زيد أَنَّهُ مَرَّ عَلَى قَوْمٍ قَدْ أُقِيمُوا فِي الشَّمْسِ فِي بَعْضِ أَرْضِ الشَّامِ؛ فَقَالَ: مَا شَأْنُ هَؤُلاءِ؟ فَقِيلَ لَهُ: أَقِيمُوا فِي الشَّمْسِ فِي الْجِزْيَةِ، قَالَ: فَكَرِهَ ذَلِكَ وَدَخَلَ عَلَى أَمِيرِهِمْ وَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "مَنِ عَذَّبَ النَّاسَ عَذَّبَهُ اللَّهُ".
قَالَ: وَحَدَّثَنَا بَعْضُ أَشْيَاخِنَا عَنْ عُرْوَةَ بن هِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّهُ وَجَدَ عِيَاضَ بْنَ غَنَمٍ قَدْ أَقَامَ أَهْلَ الذِّمَّةِ فِي الشَّمْسِ فِي الْجِزْيَةِ، فَقَالَ: يَا عِيَاضُ مَا هَذَا؟ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: $"إِنَّ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا يُعَذَّبُونَ فِي الآخِرَةِ".
قَالَ: وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ مَرَّ بِطَرِيقِ الشَّامِ وَهُوَ رَاجِعٌ فِي مَسِيرِهِ مِنَ الشَّامِ عَلَى قَوْمٍ قَدْ أُقِيمُوا فِي الشَّمْسِ يُصَبُّ عَلَى رُءُوسِهِمُ الزَّيْتَ فَقَالَ: مَا بَالُ هَؤُلاءِ؟ فَقَالُوا عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ لَمْ يُؤَدُّوهَا؛ فَهُمْ يُعَذَّبُونَ حَتَّى يُؤَدُّوهَا؛ فَقَالَ عُمَرُ: فَمَا يَقُولُونَ هُمْ وَمَا يَعْتَذِرُونَ بِهِ فِي الْجِزْيَةِ؟ قَالُوا: يَقُولُونَ لَا نَجِدُ، قَالَ: فَدَعُوهُمْ، لَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا لَا يَطِيقُونَ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "لَا تُعَذِّبُوا النَّاسَ فَإِنَّ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا يُعَذِّبُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، وَأَمَرَ بهم فخلى سبيلهم.
1 / 138