الخراج
محقق
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
الناشر
المكتبة الأزهرية للتراث
رقم الإصدار
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
سنة النشر
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
قَالَ: نَعَمْ، وَالْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ هَذَا؛ فَجَعَلَ يُرَدِّدُهَا عَلَيْهِ وَيُرَدِّدُ الْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ هَذَا؛ فَقَالَ عُمَرُ: وَلِمَ تَكْرَهُ هَذَا؛ وَإِنَّمَا سُمِّيَ أَبُوكَ غَنَمًا لأَنَّهُ كَانَ يَرْعَى الْغَنَمَ أَتُرَى يَكُونُ عِنْدَكَ خَيْرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: انْزَعْ وَرَدَّهُ إِلَى عَمَلِهِ. قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَامل يُشبههُ١.
قَالَ أَبُو يُوسُف: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إِذَا بَلَغَهُ أَنَّ عَامِلَهُ لَا يَعُودُ الْمَرِيضَ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الضَّعِيفُ نَزَعَهُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَنْ سَوِّ بَيْنَ النَّاسِ فِي مَجْلِسِكَ وَجَاهِكَ حَتَّى لَا يَيْأَسَ ضَعِيفٌ مِنْ عدلك وَلَا يطْمع شرِيف من حَيْفِكَ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الشَّامِ قَدْ أَدْرَكَ النَّاسَ٢ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَهُوَ بِالشَّامِ: "أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنِّي كَتَبْتُ إِلَيْك بكتابك لَمْ آلُكَ وَنَفْسِي خَيْرًا، الْزَمْ خَمْسَ خِلالٍ يَسْلَمْ لَكَ دِينُكَ وَتَحْظَ بِأَفْضَلِ حَظَّيْكَ، إِذَا حَضَرَكَ الْخَصْمَانِ؛ فَعَلَيْكَ بِالْبَيِّنَاتِ الْعُدُولِ وَالأَيْمَانِ الْقَاطِعَةِ، ثُمَّ أَدْنِ الضَّعِيفَ حَتَّى تُبْسِطَ لِسَانَهُ وَيَجْتَرِئَ قَلْبُهُ، وَتَعَهَّدِ الْغَرِيبَ فَإِنَّهُ إِذَا طَالَ حَبْسُهُ تَرَكَ حَاجَتَهُ وَانْصَرَفَ إِلَى أَهْلِهِ، وَإِنَّ الَّذِي أَبْطَلَ مَنْ لَمْ يرفع بِهِ رَأْسا وأحرض عَلَى الصُّلْحِ مَا لَمْ يَسْتَبِنْ لَك الْقَضَاء، وَالسَّلَام".
مَا يصلح المَال ونصائح عمر للحكام:
قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ مَعْدَانَ الْعُمَرِيَّ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ فَحَمَدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، وَذَكَرَ أَبَا بكر فَاسْتَغْفر لَهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ ذُو حَقٍّ فِي حَقِّهِ أَنْ يُطَاعَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَإِنِّي لَا أَجِدُ هَذَا الْمَالَ يُصْلِحُهُ إِلا خِلالٌ ثَلاثٌ: أَنْ يُؤْخَذَ بِالْحَقِّ، وَيُعْطَى فِي الْحق، وَيمْنَع الْبَاطِلِ؛ وَإِنَّمَا أَنَا وَمَالُكُمْ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ إِنِ اسْتَغْنَيْتُ اسْتَعْفَفْتُ، وَإِنِ افْتَقَرْتُ أَكَلْتُ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَسْتُ أَدَعُ أَحَدًا يَظْلِمَ أَحَدًا وَلا يَعْتَدِي عَلَيْهِ حَتَّى أَضَعَ خَدَّهُ عَلَى الأَرْضِ، وَأَضَعُ قَدَمِي عَلَى الْخَدِّ الآخَرِ حَتَّى يُذْعِنَ لِلْحَقِّ، وَلَكُمْ عَلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ خِصَالٌ أَذْكُرُهَا لَكُمْ فَخُذُونِي بِهَا: لَكُمْ عَلَيَّ أَنْ لَا أَجْتَبِي شَيْئًا مِنْ خَرَاجِكُمْ وَلا مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إِلا مِنْ وَجْهِهِ، وَلَكُمْ عَلَيَّ إِذَا وَقَعَ فِي يَدِي أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنِّي إِلا فِي حَقه،
_________
١ انْقَادَ إِلَى الْحق وَرجع إِلَى قَول عمر وأصل دينه.
٢ أَي أدْرك الْكِبَار من عُلَمَاء الْمُسلمين الْأَوَائِل.
1 / 130