الخراج
محقق
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
الناشر
المكتبة الأزهرية للتراث
رقم الإصدار
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
سنة النشر
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الأَجَمَةِ يَحْرِقُ مَا فِيهَا مِنَ الْقَصَبِ؛ فَتَحْرِقُ النَّارُ مَالَ غَيْرِهِ فَلا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهُمَا مِثْلُ الَّذِي يَسْقِي أَرْضَهُ فَيُغْرِقُ الْمَاءُ أَرْضَ رَجُلٍ إِلَى جَنْبِهِ أَوْ تَنِزَّ؛ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَمَانٌ، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَتَعَمَّدَ الإِضْرَارَ لِجَارِهِ وَلا الْقَصْدَ لِتَغْرِيقِ أَرْضِهِ وَلا لتحريق زرعه بِشَيْء من يحدثه فِي أَرض نَفسه.
قَول عمر لعامله على الْحمى:
قَالَ أَبُو يُوسُف: حَدثنَا هِشَام بن سعد عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ عَلَى الْحِمَى فَقَالَ لَهُ: "وَيْحَكَ يَا هَنِيٌّ اضْمُمْ جَنَاحَكَ عَنِ النَّاسِ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّ دَعْوَتَهُ مُجَابَةٌ. أَدْخِلْ لِي رَبَّ الصَّرِيمَةِ وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ وَدَعْنِي مِنْ نَعَمِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَابْنِ عَوْفٍ؛ فَإِنَّ ابْنَ عَفَّانَ وَابْنَ عَوْفٍ إِنْ هَلَكت مَا شيتهما رَجَعَا إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَى نَخْلٍ وَزَرْعٍ، وَإِنَّ هَذَا الْمِسْكِينُ إِنْ هَلَكت مَا شيته جَاءَنِي يَصِيحُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وَالْمَاءُ وَالْكَلأُ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْرَمَ لَهُ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا، وَاللَّهِ وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَبِلادُهُمْ، قَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الإِسْلامِ، وَلَوْلا هَذَا النَّعَمِ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْتُ عَلَى النَّاسِ من بِلَادهمْ شَيْئا.
1 / 118