102

العثمانية

محقق

عبد السلام محمد هارون

الناشر

دار الجيل

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١١ هجري

مكان النشر

بيروت

فيقول له: "لعل الله أن يجعل لك صاحبا" فيزداد بها أبو بكر قوة، وتحدث له بها همة. وهذه كلمة ما قالها النبي - صلى الله عليه - لمستأذن قبله، فيعلم أبو بكر عند ذلك أن النبي ﷺ إنما عناه، فيشجع من نفسه، ويشد من منته، طمعه في شرف الصحبة، وإكرامه إياه بفضيلة المرافقة. وقد استأذن النبي - صلى الله عليه - الناس [قبله] بسنين، فكان أولهم أبو سلمة بن عبد الأسد، وآخرهم عمر بن الخطاب، لقرب حال عمر في الفضل والصبر من حال أبي بكر. فكأنه خاطب المهاجرين، على التعريف لهم بفضيلة صبر أبي بكر على صبرهم، مشحذة لهم على إعطاء الجهد، وترغيبا لهم في غاية الصبر في مستقبل الأمور وحوادث الامتحان. فكأنه قال: إذا لم تستتموا الصبر، ولم تبلغوا غاية الجهد، ولم تصبروا ما أقام، فقد نصرته أنا إذ أخرجته ثاني اثنين. والدليل على ما قلنا قول عمر لقريش حين بادأهم العداوة، ونصب لهم الحرب، وأحس من نفسه بالجلد وشدة الشكيمة، وقوة العزيمة: "أما والله أن لو قد صرنا مائة لتركتموها لنا إن تركناها لكم" يعني مكة. فلو كان جميع من هاجر إلى الحبشة وأتى المدينة على مثل هذا العزم

1 / 105