أخبار الشيوخ وأخلاقهم
محقق
عامر حسن صبري
الناشر
دار البشائر الإسلامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
الحديث
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الَّذِي أَوْجَبَ حَقَّكَ مَا أَصْبَحْتَ لَهُ تَارِكًا، وَعَنْهُ رَاعِيًا، وَكُنْتَ لِذَلِكَ مِنَّا كَذَلِكَ، فَلَمَّا قَرَعْتَ صِفَاتَكَ، وَبَلَيْتَ حَفِيظَتَكَ لَمْ تَجِدْ لِذَلِكَ عَزْمًا، وَاسْتَبْدَلْتُ بِهِ عِوَضًا غَيْرَ مَا تَرَكْتَ، فَلَمْ نَرَ أَنْ يَضِيعَ حَقُّكَ، وَلا تُقْطَعَ حُرْمَتُكَ دُونَ الإِعْذَارِ إِلَيْكَ، وَالاحْتِجَاجِ عَلَيْكَ، بِتَبْصِيرِكَ غَيْبَ مَا جَهِلْتَ، وَتَعْرِيفِكَ قُبْحَ مَا أَوْقَعْتَ فِيهِ نَفْسَكَ، رَجَاءَ اسْتِنْقَاذَكَ، وَحِفْظًا لِمَا مَضَى مِنْ حَالِكَ، فَإِنْ تَقْبَلْ وَتُبْصِرْ فَتَوْبَةٌ مَقْبُولَةٌ، وَذَنْبٌ مَغْفُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنْ تُقِمْ فَيَصْرِفْنَا اللَّهُ عَنْكَ، وَلا غِنَى بِكَ عَنْهُ.
فَقَدْ رَأَيْتُ الشَّيْطَانَ قَدْ زَيَّنَ لَكَ سُوءَ عَمَلِكَ، وَمَنَّاكَ الْمَخْرَجَ مِنْ ذَنْبِكَ، حَتَّى كَانَ عُذْرُكَ فِي نَفْسِكَ أَنْ قُلْتَ: أَعِفُّ فَلا أَرْزَأُ شَيْئًا، فَفِي ذَلِكَ سَلامَةٌ، وَسَأَصِفُ لَكَ مَنْ أَدَّى الأَمَانَةَ إِلَى الْخَوَنَةِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ ذَنْبَهُمْ لَيْسَ بِأَكْثَرَ ذَنْبًا، وَلا أَعْظَمَ جُرْمًا مِمَّنْ أَدَّى الأَمَانَةَ إِلَيْهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّكَ تَبْدَأُ فَتَجِيءُ، فَتَعَدَّى عَلَى أَهْلِ عَهْدِ اللَّهِ بِتَحْمِيلِكَ إِيَّاهُمْ فَوْقَ طَاقَتِهِمْ، وَأَخْذِكَ مِنْهُمْ مَا لَيْسَ عَلَيْهِمْ، فَتَكُونُ مُظَاهِرًا عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ، نَاقِضًا لِعَهْدِ اللَّهِ، خَافِرًا لِذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
فَإِنْ قُلْتَ: لا أَجْبِي فَأَخْزُنُ، فَمِنْ أَيْنَ رَأَيْتَ أَنَّكَ سَلِيمٌ بِالأَمَانَةِ عَلَى حِفْظِ مَا جُمِعَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ، وَاسْتُوثِرَ بِهِ لِلإِنْفَاقِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ؟ فَإِنْ قُلْتَ: لا أَجْبِي وَلا أَخْزُنُ، فَعَلَى مَا تُضَاهِي مَنْ بِزِينَةِ تَشَيُّنِكَ؟ وَتَسَتُّرِهِ بِهَتْكِ سِتْرِكَ؟ ! وَتُصْلِحُ دُنْيَاهُ بِفَسَادِ دِينِكَ، فَلَسْتَ فِي ذَلِكَ أَبْيَنَ خَسَارًا فِي الْعَاجِلِ، وَأَعْظَمَ جُرْمًا فِي الآجِلِ، فَاتَّقِ اللَّهَ مِنْ أَنْ تُوقِعَ نَفْسَكَ
1 / 101