أخبار الشيوخ وأخلاقهم
محقق
عامر حسن صبري
الناشر
دار البشائر الإسلامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
الحديث
قُلْتُ لِلنَّاعِيَانِ مَنْ تَنْعِيَا؟ ... قَالا أَبَا عَبْدِ رَبِّنَا الرَّحْمَانِ
فَأَثَارَ الَّذِي أَتَانِي حُزْنِي ... وَفُؤَادُ الْمُصَابِ ذُو أَحْزَانِ
ثُمَّ فَاضَتْ عَيْنَايَ وَجْدًا ... وَشَجْوًا بِدُمُوعٍ يُحَادِرُ الْهَطْلانِ
وَذَكَرَ الْقَصِيدَةَ إِلَى آخِرِهَا، قَالَ: فَمَا زَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ يَبْكِي، وَأَنَا أُنْشِدُهُ، حَتَّى إِذَا مَا قُلْتُ:
وَبِرَأْيِ النُّعْمَانِ كُنْتَ بَصِيرًا ... . . . . قَالَ لِي: اسْكُتْ، فَقَدْ أَفْسَدْتَ الْقَصِيدَةَ، فَقُلْتُ: إِنَّ بَعْدَ هَذَا أَبْيَاتًا حِسَانًا، فَقَالَ: دَعْهَا، أَتَذْكُرُ رِوَايَةَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَنَاقِبِهِ؟ ! مَا نَعْرِفُ لَهُ زَلَّةً بِأَرْضِ الْعِرَاقِ إِلا رِوَايَتَهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ، وَأَنِّي كُنْتُ أَفْتَدِي ذَلِكَ بِمُعْظَمِ مَالِي.
فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا تَحْمِلُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ كُلَّ هَذَا، أَلَمَّا أَنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِالرَّأْيِ، فَقَدْ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَسُفْيَانُ، وَالأَوْزَاعِيُّ يَتَكَلَّمُونَ بِالرَّأْيِ؟ ! فَقَالَ: أَتَقْرِنُ أَبَا حَنِيفَةَ إِلَى هَؤُلاءِ! مَا أَشْبَهَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ إِلا بِنَاقَةٍ شَارِدَةٍ فَارِدَةٍ تَرْعَى فِي وَادٍ جَدْبٍ، وَالإِبِلُ كُلُّهَا تَرْعَى فِي وَادٍ آخَرَ.
قَالَ إِسْحَاقُ: ثُمَّ نَظَرْتُ بَعْدُ فَإِذَا النَّاسُ فِي أَمْرِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى خِلافٍ مَا كُنَّا عَلَيْهِ بِخُرَاسَانَ.
1 / 161