وقال آخر:
ولو تفلت فى البحر والبحر مالح
لأصبح ماء البحر من ريقها عذبا
وسمع من العرب: أما أنا فلا أعبج بمالح، أى لا أنتفع به ولا أصح.
وأصل البرزخ الحاجز بين «الشيئين» (1) ليمنع من وصول أحدهما إلى الآخر. ومنها قوله تعالى: ومن ورائهم برزخ (2) أى حاجز يمنعهم من الرجوع إلى الدنيا. والحاجز بين البحرين حاجز قدره (3)، لأن البحر العذب ينصب فى الملح، ولا يختلط أحدهما بالآخر (4)، بل يشاهد كل منهما مميزا عن الآخر مسافة طويلة، ثم بعد ذلك يغوص بحر النيل فى الملح ولا يختلط به، بل يجرى تحته متميزا عنه كالزيت مع الماء، ولهذا يظهر لركاب البحر فى بعض النواحى، فيستقون منه للشرب، وذلك فى أماكن معروفة.
[10] وقوله تعالى: وحجرا محجورا أى حراما محرما (5)، أى يختلط هذا/ بهذا أو هذا بهذا. وأصل الحجر المنع، ومنه سمى العقل حجرا، لأنه يمنع صاحبه من تعاطى القبائح، وما لا يليق به. قال تعالى: هل في ذلك قسم لذي حجر (6) أى عقل.
ومنه قوله تعالى: مرج البحرين يلتقيان. بينهما برزخ لا يبغيان (7). قوله مرج أى أرسل [وخلى] (8). وقوله تعالى لا يبغيان أى لا يغلب الملح على العذب فيفسد حلاوته، ولا يبغى (9) العذب على الملح منه فيفسد مرارته.
وقد أحسن الشاعر فى قوله:
وبأمره البحران يلتقيان
لا ينبغى عذب مرور أجاج
صفحة ٤٢