وبدّل حلما وافرا بعد طيشه ... ولكنه من بعد ذا كلّه ماتا
قال أبو القاسم: قوله: إنصات يقول: انتصب بعد أن أحنى. والهنيدة: مائة من الإبل، فاستعارها ههنا لمائة من السنين. يقول: عاش مائة وخمسين سنة.
أنشدني مدرك لنفسه: الرمل
أنّ سقما جدّ بي من عبث ... منك بالهجر لسحر مستمر
جلّ مادقّ ضحى الأمس فما ... أنا فيه اليوم أدهى وأمر
وعدوا إذ وعدوا أن يرجعوا ... عن ريب فارتقبهم واصطبر
ما عليهم أن جرت في أثرهم ... أدمع تجري بماء منهمر
ثم وافاه دم فالتقيا ... فوق خدّي لأمر قد قدر
يا أبا القطان صبرا يا فتى ... فعسى مولاك يعقب بالظفر
من غزال ماكسي أغيد ... اسمه في الصف يتلوه البشر
أنشدنا الأخفش قال أنشدنا محمد بن الحسن الأحول للعطوي ويقال بل هو لعمرو بن عبد الملك الوراق في فتنة المخلوع: البسيط
ماذا أصابك يا بغداد بالعين ... ألم تكوني زمانًا قرّة العين
ألم يكن فيك قوم كنت مسكنهم ... وكان قربهم زينا من الزين
استودع الله قوما ما ذكرتهم ... ألا ترقرق ماء العين من عيني
كانوا فمزّقهم دهر وصدّعهم ... والدهر يصدع ما بين الفريقين
قال: وأنشدني ثعلب في هذه: المنسرح
أذم بغداد والمقام بها ... من بعد ما خبرة وتجريب
ما عند أملاكهم لمختبط ... روح ولا فرجة لمكروب
يحتاج باغي النوال عندهم ... إلى ثلاث من بعد تقريب
كنوز قارون أن تكون له ... وعمر نوح وصبر أيّوب
المختبط: الذي يطلب ما عندك من غير معرفة ولا سبب. ويجوز في كنوز قارون وما بعده الرفع والخفض، فمن رفعه جعله خبر مبتدأ مضمر كأنه قال: هي كنوز قارون. ومن خفضه جعله بدلا من الثلاث.
أنشدني بعض المجربين ممن قدم بغداد فاستوملها: الطويل
أرى الريف يدنو كل يوم وليلة ... وأزداد من نجد وساكنه بعدا
ألا إن بغداد بلادا نقيضة ... إليّ وان كانت معيشتها رغدا
بلاد ترى الأرواح فيها رخيصة ... وتزداد نتنا حين تمطر أو تندا
أنشدنا اليزيدى قال أنشدني عمي عن أبيه: الطويل
ألا أيها البين الذي أقلق الحشا ... متى أنت عينا جدّك الله غافل
أراك عن الأحباب غيرى وغيرها ... حبيبا فلاقتك الحتوف القواتل
حدثنا الأخفش قال حدثنا ثعلب قال اخبرنا الرياشي قال حدثنا بشر بن عمر قال حدثنا عبد الله بن طيقة قال حدثنا أبو زرعة بن جابر عن عمر بن علي أن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه قال: يا رسول الله أمنّا الهداة أم من غيرنا؟ قال: لا بل مناّ، بنا يختم الدين كما افتتح بنا. يستنقذ من الضلالة بنا يجمع الله بين قلوبهم بعد عداوة كما بنا جمع بنيهم بعد عداوة الشرك. قال علي: يا رسول الله فمن بقي أمؤمنون أم كافرون؟ قال: مفتون وكافر.
قال أبو القاسم: الفتنة على ضروب في كلام العرب، فالفتنة: الابتلاء، والفتنة: الاختبار، والفتنة: الكفر من قوله عزّ اسمه (والفتنة أشدّ من القتل) . والفتنة: العذاب، والمفتون: المحرق بالنار من قوله: (يوم هم على النار يفتنون) . قيل: يعذبون، وقيل: يحرقون. والهداة جمع هاد. وهذا جمع اختص به المعتل، وليس له في السالم نظير. كقولك: غاز وغزاة، وقاض وقضاة، ورام ورماة، وهاد وهداة، وليس في السالم شيء جمع على " فعلة ".
1 / 55