وفي كعب ومن كالحي كعب ... حللت ذؤابة المجد المنيف
هويت فخارها غورا ونجدا ... وذلك منتهى شرف الشريف
نماني كل أصيد لا ضعيف ... لحمل المعضلات ولا عنيف
فوجم الحجاج وأطرق ساعة ثم رفع رأسه فقال: الحمد لله احمده واشكره إذ لم يأت زمان الاوفينا أشعر العرب، ثم قال: أنشدنا يا يزيد، فأنشأ يقول: الكامل
وأبي الذي فتح البلاد بسيفه ... فأذلهّا لبني الزمان الغابرة
وأبي الذي سلب ابن كسرى راية ... في الملك تخفق كالعقاب الطائر
وإذا فخرت فخرت غير مكذب ... فخرا أدقّ يه فخار الفاخر
فقام الحجاج مغضبا ودخل القصر وأنصرف يزيد والعهد في يده فقال الحجاج لخادمه: اتبعه وقل له: اردد علينا عهدنا فإذا أخذته فقل له: أورثك أبوك مثل هذا؟ ففعل الخادم وأبلغه الرسالة، فردّ عليه العهد وقال: قل للحجاج: أورثني أبي مجده وفعالة، وأورثك أبوك اعنزا بالطائف ترعاها. ثم سمار تحت الليل فلحق بسليمان وهو وليّ العهد فضمهّ إليه وجعله في خاصته فقال يمدح سليمان: البسيط
أن تمش عني الغواني وهي معرضة ... فقد تراهن صورا نحونا صيدا
وأن تكن قد ذهلنا عن مواعدها ... فقد يكون لنا ميعادها عيدا
قد نلتقي كلنا لاه بصاحبه ... ولا نخاف من العذّال تفنيدا
قل للشباب إذا ما الشيب اطرده ... لا تبعدّن طريد الشيب مطرودا
من صاحب الشيب قالاه وجرّ له ... للأيد صفعا وللرجلين تقييدا
يا أرفض الناس للدنيا ولذتها ... أشدهم زهدا فيها وتزهيدا
فأن يك الناس أمسوا كاسدين فقد ... أضحى لديك التقى والبر موجودا
أن يحسدوك فكم من صالح حسدوا ... هذا نبي الهدى قد كأن محسودا
عض الأخابث من عاداك من كلبوالصخر والصلب الصم الصياحيدا سمّيت اسم امرئ أشبهت شيمتهعدلا وفضلا سليمان بن داودا
احمد به كأن في الماضين من ملك ... وأنت أصبحت في الباقين محمودا
قال أبو القاسم: الغريف: الأجمة وكذلك الغابة، والخيس والقبيل والغراف: شجر يدبغ به، والمعضلات: جمع معضلة وهي شدائد الأمور. ومنه عضلت المرأة: إذا نشب ولدها عند الولادة ولم يخرج، وعضل الرجل ابنته: إذا منعها من التزويج، والعضال: الداء الشديد المعدوم الدواء. والمنيف: المشرف، والعنيف: خلاف الرقيق، وقوله: تراهن صورا نحونا: هو جمع أصور وصورا: أي عواطف خونا من قولك صرفت الشيء: إذا عطفته وأملته. والصيد: جمع أصيد وصيداء وهما المائلان عنقيهما كبرا وأصله من الصيد: وهو داء في عنق البعير يميله إلى جانب. والأخاشب: جمع أخشب وهو الحبل الغليظ والصلب: حجارة المسن.
أنشدنا الأخفش لابن المعتز: الخفيف
ساحر المقلتين أظهر صدّا ... صاغه الله في الملاحة فردا
حببن نادى بكسر جفنيه قلبي ... لم تجدّ من فراقه النفس بدّا
رحم الله من بكى مستهاما ... ليس يقضي لقلبه أن يردّا
يقطع الليل النحيب على من ... أنبت الحسن فوق خديه وردا
وأنشدنا ابن الأنباري لابن المعتز: البسيط
لا أرّق الله من أهدى لي الأرقا ... وأودع القلب نار الحب فاحترقا
بدر تعرض لي عمدا ليقتلني ... تذب أنواره عن وجهه الغسقا
تتفاوت فيه من فرق إلى قدم ... محاسن بدع تستوقف الحدقا
فكم تحيرّ من عقل ومن نظر ... فيه وكم تاه من قلب وكم خفقا
يا مورث السقم جسمي بعد صحته ... عجل سراحي وإلا فالحق الرمقا
لم يترك الشوق مذ غيبتّ عن بصري ... تخلقا لي في صبر ولا خلقا
ومحق الخلق وعدا كنت آمله ... وسد يأسي على آمالي الطرقا
ما كنت أول عبد رافع يده ... مسترزق عطف مولاه فما رزقا
أني لأحسد كأسا حين يلثمها ... حتى يبيت سخين السيف معتنقا
1 / 26