ـ[أجوبة التسولي عن مسائل الأمير عبد القادر في الجهاد]ـ
المؤلف: علي بن عبد السلام بن علي، أبو الحسن التُّسُولي المالكي (المتوفى: ١٢٥٨هـ)
المحقق: عبد اللطيف أحمد الشيخ محمد صالح
الناشر: دار الغرب الإسلامي
الطبعة: الطبعة الأولى - ١٩٩٦
عدد الأجزاء: ١
أعده للشاملة/ أبو ياسر الجزائري
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
صفحة غير معروفة
أجوِبَة التُّسُولي
عنْ مَسَائِل الأمير عبد القادر
في الجهاد
دراسة وتحقيق
عبد اللطيف أحمد الشيخ محمد صالح
دار الغرب الإسلامي
1 / 1
١٩٩٦ دار الغرب الإسلامى
الطبعة الأولى
____
رقم ٢٩٣/ ١٠٠٠/ ٧/ ١٩٩٦
____
التنضيد واليباعة: دار صادر، ص. ب. ١٠ - بيروت
____
دار الغرب الإسلامى
ص. ب. ٥٧٨٧ - ١١٣ بيروت
جميع الحقوق محفوظة. لا يسمح بإعادة إصدار الكتاب أو تخزينه في نطاق إستعادة المعلومات أو نقله بأي شكل كان أو بواسطة وسائل إلكترونية أو كهروستاتية، أو أشرطة ممغنطة، أو وسائل ميكانيكية، أو الاستنساخ الفوتوغرافى، أو التسجيل وغيره دون إذن خطي من الناشر.
1 / 2
أجوِبَة التُّسُولي
عنْ مَسَائِل الأمير عبد القادر
في الجهاد
1 / 3
فهرس الموضوعات
_________
........................................................................... الصفحة
_________
المقدمة ................................................................... ٧
القسم الأول: الدراسة ...................................................... ١٥
الفصل الأول: الإمام التُّسولي ............................................. ١٧
عصره .................................................................... ١٧
١ - الحياة السياسية ...................................................... ١٨
٢ - الحياة الاجتماعية والاقتصادية ........................................ ٢٨
٣ - الحياة العلمية ........................................................ ٣٠
البحث الثاني: حياته ...................................................... ٣٦
١ - اسمه ونسبه وصفته .................................................. ٣٦
٢ - أسرته ................................................................ ٣٧
٣ - نشأته ................................................................ ٣٨
٤ - وفاته ................................................................. ٣٩
٥ - شيوخه ............................................................... ٣٩
مكانته في العلم والجهاد .................................................... ٤٣
أ- مكانته في العلم ........................................................ ٤٣
ب- مكانته في الجهاد ..................................................... ٤٥
آثاره ....................................................................... ٤٨
١ - تلاميذه ............................................................... ٤٨
٢ - مؤلفاته ............................................................... ٥٢
الفصل الثاني: حركة التآليف الجهادية بالمغرب في عصر التُّسولي .......... ٦١
أولا: المؤلفات الجهادية العامة .............................................. ٦٢
ثانيا: المؤلفات الخاصة بتنظيم الجيش ..................................... ٦٨
الفصل الثالث: التعريف بالكتاب ........................................... ٧١
أولا: عنوان الكتاب وصحّة نسبته للمؤلف .................................. ٧١
ثانيا: محتواه وأسلوبه ...................................................... ٧٣
أسلوبه .................................................................... ٧٥
ثالثا: مصادره ............................................................. ٧٧
- مصادر الفقه والأصول ................................................. ٧٧
- مصادر السياسة الشرعية والجهاد والسير والتصوّف ...................... ٧٩
- مصادر الحديث ........................................................ ٧٩
- مصادر التفسير ........................................................ ٧٩
رابعا: أهميته وانتشاره ..................................................... ٨٠
خامسًا: وصف النسخ .................................................... ٨٣
سادسا: منهجي في التحقيق ..............................................
1 / 5
_________
القسم الثاني: نص الكتاب وتحقيقه ....................................................................... ٩٧
- نص السؤال ........................................................................................... ١٠٢
- نص الجواب .......................................................................................... ١٠٥
المسألة الأولى ........................................................................................... ١٠٧
الفصل الأول: ما يفعل مع قبائل الزمان المنهمكين في الحرمات والعصيان .................................. ١٠٧
الفصل الثاني: في دليل كاتم الجواسيس والغصّاب وغيرهم ممّن يستحق العقاب ............................. ١١٨
الفصل الثالث: في كون الرجل يؤاخذ بجريرة قومه كما يؤاخذ بجريرته ........................................ ١٢٨
الفصل الرابع: فيما لا يجوز للنصارى بيعه، ولا يحلّ لنا أن نمكنهم بوجه من تناوله ........................... ١٤٢
الفصل الخامس: في معاقبة العاصي بالمال، وما فيه من الخلاف في القديم والحال .......................... ١٥١
الفصل السادس: في زيادة تحقيق بعض ما تقدّم وكيفتة إجرائه على المنصوص المسلم ........................ ١٦٤
الفصل السابع: في حرمة ترك الإمام الرعية على ما هم عليه، وكيفية سيرته مع رعيته ومع العمّال لديه .......... ١٨٦
المسألة الثانية ............................................................................................ ٢٠٤
الفصل الأول: في حكم المتخلف عن الاستنفار، وما عليه من العقاب من العزيز الجبّار .................... ٢٠٤
الفصل الثاني: فيما ينبغي للإمام فعله، وفيمن يجب استنفاره من الرعية ..................................... ٢١١
المسألة الثالثة: حكم مانع الزكاة ........................................................................... ٢٣٩
المسألة الرابعة ........................................................................................... ٢٤٣
الفصل الأول: فيما يجب على الإمام من إجبار الرعية على الاستعداد .................................... ٢٤٣
الفصل الثاني: في جواز صلح العدوّ إن كان مطلوبا ....................................................... ٢٦٤
الفصل الثالث: فيما يرتزق منه الجيش إن عجز بيت المال .............................................. ٢٨٦
الفصل الرابع: في حكم من ساكن العدوّ الكفور ......................................................... ٣٠١
المسألة الخامسة ....................................................................................... ٣١١
خاتمة .................................................................................................. ٣١٤
الملاحق ................................................................................................ ٣٣١
ملحق رقم واحد: جواب التُّسولي المختصر على مسائل الأمير عبد القادر .............................. ٣٣٣
ملحق رقم اثنين: تقييد التُّسولي على فتوى علماء فاس ورد الجزائريين عليها ............................... ٣٣٩
الفهارس ................................................................................................ ٣٤٥
١ - فهرس الآيات ....................................................................................... ٣٤٧
٢ - فهرس الأحاديث .................................................................................. ٣٥٢
٣ - فهرس المصطلحات الفقهية ....................................................................... ٣٥٤
٤ - فهرس المصطحات العسكرية والسياسية ........................................................... ٣٥٧
٥ - فهرس الأشعار .................................................................................... ٣٦٢
٦ - فهرس الكتب الواردة في الكتاب ................................................................... ٣٦٣
٧ - فهرس الأعلام ..................................................................................... ٣٦٩
٨ - فهرس المصادر والمراجع ......................................................................... ٣٧٥
٩ - فهرس الموضوعات ...............................................................................
1 / 6
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
المقدمة
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدّنا محمّد وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن اهتدى بهديهم من العلماء والعاملين.
وبعد:
فإنّ الجهاد في سبيل الله بشتّى أنواعه ووسائله، ذروة سنام الإسلام، وناشر لوائه، وحامي حماه، بل لا قيام لهذا الدين في الأرض بدون الجهاد في سبيل الله، فهو من خصائص هذا الدين وأركانه، ومن أحبّ الأعمال تقربًا إلى الله ﵎.
قال ﷿: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَؤ كَرِة الْمُشْرِكُونَ﴾ ١.
وقال: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ ٢.
وقال ﷺ: «رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِةادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ٣.
وقال الإمام التُّسولي: (الدين كجسم، والجهاد منه بمنزلة الرأسِ في الأجساد) ٤.
فالمجاهدون في سبيل الله هم صفوة الخلق، وسادتهم، والناصحون لهم،
_________
١ - سورة التوبة / آية: ٣٣، وسورة الصف / آية: ٩.
٢ - سورة الأنفال / آية: ٣٩.
٣ - أخرجه أحمد في "مسنده ": ٥/ ٢٣١، عن معاذ بن جبل.
٤ - أنظر القسم التحقيقي: ٣٦١.
1 / 7
باعوا نفوسهم وأموالهم لله، ورغبوا في عاجل لقاه، لينالوا الحياة الآجلة الأبدية التي لا يصطفي الله لها من خلقه إلاّ خيارهم الذين يتّخذهم شهداء.
والشهادة في سبيل الله هي التجارة الرابحة التي تتضاءل أمامها كل أنواع التجارات، قال تعالى-: ﴿يَا أَيُّةا الَّذِينَ آمَنُوا ةلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَفيرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِةا الْأَنْةارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَؤزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَةا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ١.
ولقد علم السلف الصالح منزلة الجهاد في سبيل الله، فجاهدوا في سبيله طمعًا في الوصول إلى أعلى المراتب عنده، حتى كان أحدهم يرمي التمرات من يده مسرعًا إلى الله بنفسه. فأنالهم الله من النصر والعزّ والتمكين ما سادوا به العالم، فما بقي في أغلب الأرض إلاّ مسلم أو خاضع لحكم الإسلام.
ولكن الخلف أخذ يبتعد عن دين الله، ويفرط في الدعوة إلى الله شيئًا فشيئًا، ويقعد عن الجهاد في سبيل الله قليلًا قليلًا حتى أضاع الأمانة التي حملها، ففقد العزّة التي كانت تصاحبها، فعاد الكفر يصول ويجول، وعاد الإسلام غرييًا كما بدأ.
فأصبح المسلمون- مع كثرتهم- غثاء كغثاء السيل، نزع الله المهابة من قلوب أعدائهم ووضعها في قلوبهم ٢.
ولكن الأمّة لم تخل من أئمّة يضيئون للناس الدرب، ويدفعون بهم إلى التمسّك بهذا الدين والدعوة إليه وجهاد أعدائه، متّخذين من كتاب الله وسنّة رسوله ﷺ ما يعطي الناس التصوّر الصحيح لهذا الدين وللجهاد في سبيل إعلائه.
_________
١ - سورة الصف/ الآيات: من ١٠ - ١٣.
٢ - أنظر: عبد الله القادري- الجهاد في سبيل الله: ١/ ١٣.
1 / 8
وقد كان من بينهم العلماء الذين بذلوا أنفسهم في الدفاع عن عقيدتهم وأوطانهم وألّفوا في ذلك المؤلفات الجمّة في القديم والحديث، لبيان خطر العدوّ الداهم، وما ينجز عن خذلان المسلمين وتقاعسهم لإعلاء كلمة الله وصدّ كيد أعدائه.
ورغبة منى في الإسهام في بثّ روح الجهاد في المسلمين، أحببت أن يكون موضوع أطروحتي لنيل دكتوراه الحلقة الثالثة في الجهاد، فبذلت قصارى جهدي في البحث والتنقيب في تراثنا الفقهي علّني أجد ما يفي بهذه الرغبة، ويحقّق هذه الأمنية، فعثرت على كتاب ـ[أجوبة التُّسولي عن مسائل الأمير عبد القادر في الجهاد]ـ ولرغبة داخلية للعمل في مجال التحقيق والبحث، إلى جانب تشجيع الأساتذة الأجلاّء الذين قمت باستشارتهم، اخترته موضوعًا لهذه الأطروحة، لعدّة أسباب:
١ - إنه يعتبر من نوادر كتب الجهاد الإسلامي، فقد تضمّن أحكامًا جهاديّة فقهيّة عالية، شملت جميع أنواع الجهاد النابعة من الوقائع التي حدثت في ذلك العصر الذي أَلّف فيه، فلم لكن مجرّد مُؤَلَّفٍ قام كاتبه بتصنيفه من وحي فكرة عارضة، وإنما هو رسالة جهادية نابعة من أحداثٍ عاصرت هذه الرسالة، وكانت مشابهة لكثير من أحداث عصرنا.
٢ - وهو يصوّر الواقع السياسي والاجتماعي في المغرب العربي في تلك الفترة.
٣ - كما أنّه وثيقة أصليّة في السعي الحثيث لإقامة وحدة المغرب العربي، وتوثيق الصلات والروابط والتعاون بين شعبه.
٤ - وهو يعتبر مبدأ المراسلات بين الأمير عبد القادر الجزائريّ والمولى عبد الرحمن بن هشام للاستفتاء والتعاون في صدّ الخطر الداهم، باعتبار أنّه أوّل رسالة بينهما بعد احتلال الفرنسيين للجزائر، أراد بها الأمير عبد القادر أن يشعر المولى عبد الرحمن وينبهه بضرورة التعاون والتعاضد لطرد المستعمر الغاصب.
٥ - أنّه أوّل مظهر من مظاهر يقظة المغرب الحديث في الناحية الجهاديّة.
1 / 9
٦ - هذا إلى جانب غياب الكتب الجهاديّة عن الساحة الإسلامية مع أن المسلمين الأوائل خصّوه بالتأليف، كما هو ملاحظ في فهارس المخطوطات.
ولهذه الأسباب شرح الله صدري لخوض عباب هذا العلم، فعزمت على تحقيق الكتاب، وخدمته، ودراسة نصوصه، متوكّلا على العليّ القدير.
فقسمته إلى قسمين:
أولًا: القسم الدراسيّ: وقد اشتمل على ثلاثة فصول:
أمّا الفصل الأول: ترجمت فيه للإمام التُّسولي، فتناولت فيه:
- عصره
- حياته
- مكانته العلميّة والجهاديّة
- آثاره
والفصل الثاني: خصّصته لحركة التأليف الجهاديّة في عصر التُّسولي، فتناولت فيه:
- المؤلّفات الجهاديّة العامّة
- المؤلّفات الخاصّة بتنطيم الجيش
أمّا الفصل الثالث: جعلته للتعريف بكتاب ـ[أجوبة التُّسولي عن مسائل الأمير عبد القادر في الجهاد]ـ، فتناولت فيه:
- عنوان الكتاب وصحّة نسبته للمؤلّف
- محتواه وأسلوبه
- مصادره
- أهمّيته وانتشاره
- وصف النسخ
- منهجي في التحقيق
1 / 10
ثانيًا: القسم التحقيقي: تضمن النصّ الكامل لكتاب ـ[أجوبة التُسولي عن مسائل الأمير عبد القادر في الجهاد]ـ محقّقًا ومخرجًا.
وقد كان منهجى في القسم الدراسي جمع المادّة المتناثرة من مكانها، فقمت بتنسيقها وتبويبها وترتيبها، وألّفت منها ترجمة وافية لأبي الحسن التُّسولي، مبرزًا فيها نشأته العلميّة ومكانته الجهاديّة وشيوخه وآثاره.
وأمّا سبيلي في القسم التحقيقى: فقد قمت بضبط نص الكتاب ضبطًا دقيقًا، وإخراجه بمقابلته على ثلاث نسخ خطّية، وأخرى طبعة حجرية، ووضعت أرقامًا لأوراق المخطوط، وقمت بتنظيم النص بما يعين على فهمه فهمًا صحيحًا، كوضع النقط، والفواصل اللاّزمة، وإبراز الأقوال والنصوص.
وخرّجت النصوص الفقهيّة بالرجوع إلى مصادرها الأصليّة التي اعتمد عليها المؤلّف، ونقل منها، والآيات القرآنية والأحاديث النبويّة- ولم أقتصر على الكتب الستّة فحسب بل توسّعت في ذلك- فإنْ كان النص مطابقًا عزوته لموضعه من غير تفصيل، وإنْ كان من طريق آخر بيّنت، وإنْ كانت ألفاظه فيها اختلاف يسير قلت: بمعناه أو بنحوه.
وشرحت ما يحتاج إلى شرح وتوضيح ممّا يتعلّق باللّغة والفقه والمصطلحات العسكريّة، كما ترجمت لجميع الأعلام والبلدان والقبائل الواردين في الكتاب بالرجوع إلى كتب الرجال والتاريخ والبلدان، وضبطت ما يحتاج إلى ضبط أو توضيح.
وفي ختام عملي وضعت ملحقين تتميمًا للفائدة: إحداهما جعلته جواب التُّسولي المختصر عن مسائل الأمير عبد القادر الجزائري، وثانيهما: ما قيّده الإمام التُّسولي على فتوى علماء فاس ورد علماء الجزائر عليها.
كما وضعت فهارس شاملة للكتاب من أجل التيسير على الباحث وإعانته في الوصول إلى بغيته.
وقد تنوّعت المصادر التي اعتمدْتُها في العمل وهي ترجع أساسًا إلى عدّة أنواع:
1 / 11
١ - المصادر التاريخيّة وكتب الرجال: ووجه الحاجة إليها يرجع إلى أنّ عملي تضمن ترجمة للإمام التُّسولي، وأخرى للأمير عبد القادر الجزائري، هذا إلى جانب اشتمال الكتاب على عدد كبير من الرجال، والعلماء والفقهاء البارزين.
ومن أبرز هذه المصادر: ما هو متقدّم كطبقات ابن سعد (ت ٢٣٠هـ)، وتاريخ بغداد للخطب البغدادي (ت ٤٦٣هـ)، وترتيب المدارك للقاضي عياض (ت ٥٤٤هـ)، والصلة لابن بشكوال (ت ٥٧٨هـ)، وبغية الملتمس للضبى (ت ٥٩٩هـ)، وأسد الغابة لابن الأثير (ت ٦٣٠هـ)، وسير أعلام النبلاء للذهبي (ت ٧٤٨هـ)، وميزان الاعتدال له، والبداية والنهاية لابن كثيّر (ت ٧٧٤هـ)، والديباج المذهب لابن فرحون (ت ٧٩٩هـ)، وغيرها.
ومنها ما هو متأخر: كنيل الابتهاج للتنبكتي (ت ١٠٣٦هـ)، ونفح الطيب للمقري (ت ١٠٤١هـ)، وكشف الظنون لحاجي خليفة (ت ١٠٦٧هـ)، ونشر المثاني في أعيان القرن الحادي عشر والثاني للقادري (ت ١١٨٧هـ)، والتقاط الدرر له، والبدر الطالع للشوكاني (ت ١٢٥٥هـ)، والاستقصا للسلاوي (ت ١٣١٥هـ)، والشرب المحتضر لجعفر الكتاني (ت ١٣٢٣هـ)، وتحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر للأمير محمد بن القادر (ت ١٣٣١هـ)، وهدية العارفين للبغدادي (ت ١٣٣٩هـ)، وسلوة الأنفاس لمحمد جعفر الكتاني (ت ١٣٤٥هـ)، وشجرة النور الزكيّة للشيخ مخلوف (ت ١٣٦٠هـ)، وفهرس الفهارس للكتاني (ت ١٣٨٢هـ)، وغيرها.
٢ - المصادر الفقهيّة ١: اعتمدْتُها في تخريج وتوثيق النصوص الفقهيّة والتعليق عليها وهى كثيرة، ومن أهمّها:
الكافي في فروع المالكيّة لابن عبد البر يوسف بن عبد الله (ت ٤٦٣هـ)، والبيان والتحصيل لابن رشد (ت ٥٢٠هـ)، والمقدّمات، والفتاوى له- أيضًا-، ومختصر ابن الحاجب (ت ٦٤٦هـ)، مخطوط، والقوانين الفقهيّة
_________
١ - ما قلت أنه مخطوط ذكرت مكانه ورقمه في الفهارس.
1 / 12
لابن جزي (ت ٧٤١هـ)، ومختصر الشيخ خليل (ت ٨٠٣هـ)، وبعض شروحه، «والتوضيح» له- أيضًا- مخطوط، ومختصر ابن عرفة (ت ٨٠٣هـ)، مخطوط، والشامل لبهرام (ت ٨٠٥هـ)، مخطوط، ونوازل البرزلي (ت ٨٤٤هـ)، مخطوط، والمعيار المعرب للونشريسي (ت ٩١٤هـ)، ورسالة الشيخ ميارة (ت ١٠٧٢هـ) في قتال المحاربين المتعرّضين لقطع الطريق، مخطوط، وشرح نظم عمل فاس لأبي زيد محمد السجلاسي الرباطي (ت ١٢١٤هـ)، والمعيار الجديد للوزاني، وغير ذلك.
٣ - المصادر الحديثيّة: اعتمدْتُها في تخريج النصوص والتعليق عليها، ومن أهمّها:
الكتب الستّة وموطأ مالك ومسند الإمام أحمد وسنن الدارمي وغيرها.
٤ - مصادر التفسير: اعتمدْتُها في توثيق النصوص والتعليق عليها، ومن أهمّها: المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزنر لابن عطيّة (ت ٥٤٢هـ)، والكشاف للزمخشري (ت ٥٣٨هـ)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ت ٦٧١هـ)، وأنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي (ت ٦٨٥هـ)، والتحرير والتنوير للشيخ محمد الطاهر ابن عاشور.
وهناك مصادر أخرى اعتمدْتُها، منها ما يتعلّق بالسياسة الشرعيّة، ومنها ما يتعلّق بالمعاجم اللغويّة والمصطلحات العسكريّة، وكتب البلدان والقبائل.
أمّا الفهارس فقد أفدْتُ من بعضها في تخريج نصوص الأحاديث، ومن البعض الآخر في تتبّع مصنفات الإمام التُّسولي وشيوخه وتلامذته، ومن أبرزها: المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، والموسوعة الحديثيّة للشيخ حامد إبراهيم (مخطوط)، وفهارس دار الكتب الوطنيّة بتونس، وفهرس المكتبة الأزهريّة، والموسوعة المغربيّة لبنعبد الله. وغيرها.
وبعد: فإنّني قد بذلت قصارى جهدي في إخراج هذا الكتاب، مستفرغًا طاقتي فيه تاركًا ما سواه من الأعباء حتى خرج على هذا الشكل- فمن رأي فيه
1 / 13
حسنًا وتوفيقًا فمن الله، ومن رأي فيه تقصيرًا فهو مني ومن الشيطان- فأحمد الله - تعالى- على ذلك وأسأله أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم وأنْ ينفعني به إلى يوم الدين، وصلّى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
1 / 14
القسم الأول
الدّراسة
1 / 15
الفصل الأول
ترجمة الإمام التُّسُوُلي
"الإمام التُّسُوُلي" ١
إنّ الكلام عن هذا الإمام الفقيه يتطلّب دراسة شخصيّته من عدّة جوانب. ورغم قلّة المادة التي بحثته، فإنّني حاولت وبذلت قصارى جهدي لتوظيف كل كلمة ذكرتها كتب التراجم عن هذا الإمام.
عصره
عصر التُّسوُلي هو عصر الدولة العلويّة، وخاصة الفترة التي تولّى فيها المولى سليمان بن محمد ٢، والمولى عبد الرحمن بن هشام ٣.
_________
١ - مصادر ترجمته: السلاوي- الاستقصا: ٩/ ٤٦ - ٤٧، جعفر الكتاني- الشرب المحتضر: ١٩، الأمير محمد- تحفة الزائر: ١/ ٢٠٦، البغدادي- هدية العارفين: ١/ ٧٧٥، محمد الكتاني- سلوة الأنفاس: ١/ ٢٣٨، مخلوف- شجرة النور: ٣٩٧، الحجوي- الفكر السامي: ٤/ ١٣٢، الزركلي- الأعلام: ٤/ ٢٩٩، كحالة- معجم المؤلفين: ٧/ ١٢٢، بن عبد الله- معلمة الفقه المالكي: ١٤٦، كنون- النبوغ المغربي: ١/ ٣١٢، المنوني- مظاهر يقظة المغرب الحديث:١/ ٢٧، التازي- جامع القرويين: ٣/ ٨١٠، سركيس- معجم المطبوعات: ١٦٥، الفاضل ابن عاشور- من وثائق الوحدة ضمن مجلة الفكر، العدد السادس، مارس، سنة ١٩٦٠م. [ص:٥٤١].
٢ - أبو الربيع سليمان بن محمد بن عبد الله الشريف العلوي: من سلاطين دولة الأشراف العلويّين في مراكش، بويع بفاس "سنة ١٢٠٦هـ"، له حواشي وتعاليق على الموطأ، ومن كتبه: "عناية أولى المجد بذكر آل الفاسى ابن الجد" و"رسالة في الغناء"، مات سنة ١٢٣٨هـ".
أنظر: محمد الكتاني- سلوة الأنفاس: ٢/ ١٠، مخلوف- شجرة النور: ٣٨٠، الزركلي- الأعلام: ٣/ ١٣٣ - ١٣٤، التازي- جامع القروينن: ٣/ ٨٠٨ - ٨٠٩.
٣ - عبد الرحمن بن هشام بن محمد الحسينى: من ملوك الدولة السجلماسية العلويّة في المغرب، =
1 / 17
وسأتناول الكلام عن الناحية السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والعلميّة، في هذه الفترة التي عاش فيها هذا الإمام الفقيه ١.
أولًا: الحياة السياسيّة:
عاش التُّسولي ﵀ في النصف الثاني من عهد الدولة العلويّة التي أسسها المولى محمد بن الشريف ٢ رأس ملوكها. وذلك حينما قاوم، الشيخ محمد الحاج الدلائي ٣ مؤسس الدولة الدلائية ٤ ولكنّه لم ينل منها مآلًا إذ حصل الصلح بينه وبين
_________
= ولاه عنه "سليمان بن محمد" ثغر "الصويرة" وأعمالها، فحسنت سيرته، ثم بويع بفاس بعد وفاة عمّه وأمر بإنشاء الأساطيل لحماية الشواطىء، وكان عادلًا، رفيقًا برعيته، كثير العناية بالجزائر، وكانت في أيدي الترك العثمانيّين. من آثاره: اصلاح ميناء "طنجة"، وبرجان عظيمان في "سلا" و"مساجد"، مات سنة ١٢٧٦هـ"، "السلاوي- الاستقصا: ٩/ ٣ - ٨١"، "الزركلي- الأعلام: ٣/ ٣٤١ ".
محمد الأخضر- الحياة الأدبية في المغرب على عهد الدولة العلوية: ٣٩٠.
١ - لم أقف على ولادته من أي مصدر، فهو كما يغلب على ظني في الفترة التي بين أواخر القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر.
٢ - محمد بن محمد "الشريف" ابن علي بن يوسف الحسني السجلماسي مؤسس دولة الأشراف العلويّين كان أبوه أمير سجلماسة في أواخر أيام السعديّين واعتقله أبو حسن السملالي "صاحب درعة وسوس" في قلعة "بالسوس" فنهض صاحب الترجمة فاستمال إليه جمعًا من أهل سجلماسة فبايعوه سنة" ١٠٥٠" وقاتل بهم السملالي فتغلب عليه واستولى على "درعة" وأعمالها ثم على فاس الجديدة والقديمة ثم "وجدة"، وأصابته رصاصة في نحره فقتلته سنة" ١٠٧٥ هـ". أنظر "الزركلي- الأعلام: ٧/ ٦٣".
٣ - الحاج الدلائي: الشيخ أبو عبد الله محمد "المرابط " بن محمد بن أبي بكر، الدلائي، ولد بالدلاء عام ١٩٦٧، خلف أباه بعد وفاته في القيام بشؤون الزاوية الدلائية فسار على نهجه وحمدت سيرته، أخذ العلم عن أبيه وعلماء أجلّاء كثر، فنبغ في التفسير والحديث حتى كادت مجالسه العلمية تقتصر عليهما، من تآليفه "كتاب جمع فيه أربعين حديثًا نبويا"، وله أيضًا "مسائل مختلفة من أصول الفقه وفروعه". مات (سنة ١٠٤٦هـ).
أنظر: محمد حجّي- الزاوية الدلائية: ٧٦ - ٨١.
٤ - الدلائيّون، هم من قبيلة لمتونة الصنهاجيّة التي كانت تسكن بأقصى الصحراء المغربيّة، وفصيلتهم القربى هي بنو طالب، ويقال لهم بلسان البربر (آيت يتيدر) في عداد قبائل الأطلس المتوسط. أنظر: محمد حجّى- الزاوية الدلائيّة: ٢٩.
1 / 18
الرئيس الدلائي، على أن ما حاذى الصحراء إلى جبل عيّاش فهو للمولى محمد بن الشريف، وما دون تلك إلى ناحية الغرب فهو لأهل الدّلاء ١.
ثمّ لما توفي المولى محمد بن الشريف وتولى أخوه المولى رشيد ٢/ يرضَ بهذه القسمة، فتقدم واستولى على جلّ بلاد المغرب، فحارب الدلائيّين حتى هزمهم وصفا له ملك المغرب ولم يبق له منازع فيه، وذلك سنة (١٠٧٩هـ / ١٦٦٨م) ٣.
وقد بلي عصر العلويّين في الفترة التي عاشها الإمام التُّسولي بأحداث سياسيّة كان لها أثر في المجتمع المغربي، منها:
أ - الصراع على الحكم وأثره في إضعاف الدولة:
مرّ المغرب في تلك الحقبة من الزمن سلسلة من الصراعات الحاذة بين الحكّام على السلطة، فدارت معارك بين كل من المولى يزيد ٤ والمولى هشام ٥ الذي كان ينازع أخاه
_________
١ - أنظر: كنون- النبوغ المغربي:١/ ٢٧٩.
٢ - أبو العزّ المولى رشيد بن محمد الشريف بن علي الحسني العلويّ، من سلاطين الدولة العلويّة السجلماسيّة بالمغرب، ولد في تافيللت، بويع بالخلافة سنة (١٠٧٥هـ)، بعد أن قاتل أخاه محمد فقتله، ثم زحف إلى فاس فامتلكها سنة (١٠٧٦هـ) وهاجم "مراكش" فدخلها وأخضع "بلاد السوس". مات بمراكش سنة (١٠٨٢هـ). أنظر: الزركلي- الأعلام: ٣/ ٢٥، التازي- جامع القرويّين: ٣/ ٧٩٣.
٣ - أنظر: كنون- النبوغ المغربي:١/ ٢٧٩.
٤ - يزيد بن محمد بن بن عبد الله بن اسماعيل الحسني العلويّ من ملوك الأشراف السجلماسيين بالمغرب، كان من أنجب أبناء المولى محمد، يرشحه أبوه للخلافة، ويقدّمه على كبار اخوته، مات "بمراكش" ودفن بها سنة (١٢٠٦هـ). أنظر: الزركلي- الأعلام: ٨/ ١٨٧ - ١٨٨، محمد الأخضر- الحياة الأدبية في المغرب: ٢٧٥.
٥ - هشام بن محمد بن عبد الله بن اسماعيل الحسني، من أمراء الدولة السجلماسيّة العلويّة بالمغرب الأقصى، ثار على أخيه "المولى يزيد" وبايعته قبائل "الحوز" وأهل "مراكش" سنة (١٢٠٦هـ)، وقتل أخوه في معركة بينهما، واستقر هشام في الحوز مدة، ثم اضطرب أمره فخرج إلى مراكش، فحدث بها وباء، فمات فيه سنة (١٢١٢هـ).
أنظر: الزركلي- الأعلام: ٨/ ٨٨.
1 / 19
في ملك والدهما المولى محمد بن عبد الله ١ سنة (١٢٠٤هـ/ ١٧٨٩م) ٢ وبين المولى سليمان وأخويه المولى مسلمة ٣ في الشمال والمولى هشام- المتقدّم- في الجنوب ٤.
فقد كان المولى مسلمة- بعد أن بايع أهل فاس ٥ ومكناسة ٦ المولى سليمان بالسلطة (سنة ١٢٠٦هـ/ ١٧٩٢م) - يحث المنحرفين عن المولى سليمان على التمسّك بدعوته وعدم الدخول في بيعة أخيه ٧.
_________
١ - محمد (المتوكّل على الله) بن عبد الله بن اسماعيل الحسني، من ملوك الدولة السجلماسيّة العلويّة بالمغرب فبويع بالامارة بعد وفاة أبيه سنة (١١٧١هـ)، وقد ازدهر المغرب في أيامه، من كتبه "مساند الأئمة الأربعة" وغيرها. مات سنة ١٢٠٤. أنظر: الحجوي- الفكر السامي: ٤/ ١٢٦، الزركلي- الأعلام: ٦/ ٢٤١ - ٢٤٢.
٢ - أنظر: محمد الأخضر- الحياة الأدبية في المغرب: ٢٧٥.
٣ - مسلمة بن محمد بن عبد الله السجلماسي- العلوي، كان مقيمًا في بلاد "الهبط" فبايعه أهلها وبعض من أهل "رباط الفتح"، مات سنة (١٢٤٠هـ). أنظر: الزركلي- الأعلام: ٧/ ٢٢٤.
٤ - حيث بعث المولى سليمان جيوشه أواخر سنة (١٢٠٧هـ) إلى قبائل الحوز، وقد كانوا متمسّكين بدعوة المولى هشام بن محمد وزحف هو إلى رباط الفتح فمحا آثار الفتنة التي نشأت بها.
أنظر: السلاوي- الاستقصا: ٨/ ٩٤.
٥ - فاس: مدينة مشهورة كبيرة على برّ المغرب من بلاد البربر، وهي: حاضرة البحر وأجلّ مدنه قبل أن تختط مراكش، فيها عيون كثيرة، قال أبو عبيد البكري: (مدينة فاس مدينتان مفترقتان مسورتان: عدوة القرويّين، وعدوة الأندلسيّين).
أنظر: ياقوت الحموي- معجم البلدان: ٤/ ٢٣٠، والقلقشندي- صبح الأعشى: ٥/ ١٥٣ - ١٥٧.
٦ - مكناسة: بكسر أوله، مدينة بالمغرب قرب "مراكش" في بلاد البربر على البرّ الأعظم. أنظر: ياقوت الحموي- معجم البلدان: ٥/ ١٨١.
٧ - من ذلك أنه بعث فرقة من الخيل إلى نظر القائد أبي عبد الله محمد الزعري إلى "رباط الفتح"، وذلك باستدعاء محتسبها أبي الفضل العباس مرينو، وأبي عبد الله محمد المكي بن العربي من أهلها المنحرفين عن المولى سليمان، ولما اتّصل بالمولى سليمان خبر مسير الزعري إلى "رباط الفتح"، عقد لأخيه المولى الطيب على بني حسن، وبعثه في اعتراضه، فتلاقى الجيشان برباط الفتح، وانهزم الزعري وشيعته. أنظر: السلاوي- الاستقصا: ٨/ ٩٠.
1 / 20
ودارت معارك بينهما آلت في النهاية إلى خذلان المولى مسلمة وضعفه وطرده إلى المشرق ١. قال السلاوي: (قال صاحب البستان: وهناك اجتمعت به- أي المولى مسلمة- في ضريح الشيخ "أبي مدين" ٢ "بالعبّاد" ٣ يعني حين قدم "تلمسان" ٤ مفارقًا للسلطان المولى سليمان.
وزعم أن المولى مسلمة لما اجتمع به لامه على تخذيل الناس عن بيعته، وحضه إيّاهم على بيعة أخيه المولى سليمان، قال: فبينت له حال المولى سليمان وما هو عليه من اتباع سيرة والده في العدل والرفق بالرعية، وبذلك أحبه الناس، فلما سمع كلامي بكى واعترف بالحق وتلا قوله تعالى: ﴿وَلَؤ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَفيبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَفيرِ﴾ ٥.
_________
١ - أنظر المعركة التي دارت بين المولى سليمان وأخيه مسلمة في بلاد الحياتيّة في: السلاوي- الاستقصا: ٨/ ٩١.
٢ - هو أبو مدين شعيب بن الحسن الأندلسي التلمساني، صوفي، من مشاهيرهم أصله من الأندلس أقام بفاس، وسكن "بجاية" وكثر اتباعه حتى خافه السلطان "يعقوب المنصور"، من كتبه "مفاتيح الغيب لإزالة الريب"، و"ستر العيب".
ذكر الزركلي: انه مخطوط في شستربتي "رقم ٣٢٥٩". مات بتلمسان سنة (٥٩٤هـ)، أنظر: التنبكتي- نيل الابتهاج: ١٢٧، مخلوف- شجرة النور: ١٦٤، الزركلي- أعلام: ٣/ ١٦٦.
٣ - العباد: قرية في الجزائر بالقرب من تلمسان: أسسّ فيها ملوك تلمسان مدرسة لا تزال قائمة.
أنظر: المنجد في الأعلام: ٣٣١.
٤ - تلمسان: وبعضهم يقول تنمسان بالنون عوض اللام بالمغرب، وهما مدينتان متجاورتان مسورتان احداهما قديمة والأخرى حديثة، والحديثة اختطّها الملثمون ملوك المغرب، واسمها "تافرزت"، فيها يسكن الجند وأصحاب السلطان، وأصناف من الناس، واسم القديمة "أقادير" يسكنها الرعية. أنظر: ياقوت الحموي- معجم البلدان: ٢/ ٤٤.
٥ - أنظر: السلاوي- الاسنقصا: ٨/ ٩٢. والآية من سورة الأعراف / ١٨٨، وتمامها: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَؤ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَفيبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَفيرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَؤمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.
1 / 21