قال يحيى: يقال له: [ حط من ] السعر نصف الثمن أو الثمن، فتخفف على نفسك وترجع مسرعا سريعا إلى بيتك .
وأما ما ذكرت من المقام والمضرة فأنت تريد بيع نافق الثمن، وتريد أن ترجع إلى بلدك سريعا، فلا تمكن من ذلك، لأن ذلك ضرر على المسلمين، أو تصبر فتبيع في السوق بنافق الثمن، فلا مضرة على المسلمين .
قلت ليحيى بن عمر: فإن أراد الرجل الذي ليس يعرف يبيع القمح ولا بالاحتكار، وإنما يشتري لقوته سنة، فأراد أن يشتري قوت سنة في هذا الغلاء، أترى أن يمكن من ذلك ؟
فقال: لا يمكن من ذلك .
وقال يحيى بن عمر لصاحب السوق: من أراد أن يبيع قمحا من بيته جلبه من منزله إلى بيته، ثم احتاج إلى بيعه وثمنه، فأراد أن يبيعه، فعرض منه قليلا في يده في السوق، ثم اشتراه منه الحناطون، هل ترى أن يمكن الحناطون أن يكتالوه في دار البائع وينقلوه إلى حوانيتهم ؟
فقال يحيى: أرى أن لا يمكن البائع أن يبيع في داره، وأرى أن ينقله إلى السوق بين المسلمين .
قيل ليحيى: فإن [ أهل ] القصر عندنا ليس لهم سوق يصب فيها الطعام.
فقال: أرى أن يكون بحوانيتهم ويبرزوه للناس في السوق، ويمنع الحناطون أن يشتروا في الدور إذا كان السعر غاليا مضرا بالأسواق، وإذا كان السعر رخيصا ولا يضر بالسوق خلي بين الناس وبين السوق أن يشتروا ويدخروا ويشتروا في الفنادق وفي الدور وحيث ما أحبوا .
قيل ليحيى بن عمر: في رجل جهل فأنزل قمحه في رحبة الطعام وليس يعرف ممن يحتكرون وإنما جاء به ليأكله .
فقال: إذا صح هذا خليت بينه وبين قمحه ينقله إلى داره .
وسألت يحيى بن عمر: عن صاحب الحمام يدخل غير نفساء ولا مريضة ثم اطلع عليه، هل يجب على أحد من المسلمين أن يتهجم عليهن فيخرجهن من الحمام ؟
فقال يحيى بن عمر: لا يهجم عليهم، ولكن يأمرهن بلبس ثيابهن ويستترن بما يخرجن به، ويقول لهن: قد علمتن النهي وكراهة العلماء لذلك، ويؤدبهن قدر ما يرى .
صفحة ٤٢