وأخبرنا يوسف بن يحيى القاضي، قال: أخبرنا عبد الملك بن حبيب، قال: قلت لمطرف وابن الماجشون: ما وجه الصواب عندكما فيمن غش أو نقص من الوزن ؟
فقالا: وجه الصواب عندنا في ذلك أن يعاقبه الإمام بالضرب والسجن أو الإخراج من السوق إن كان قد عرف الغش والفجور من عمله، ولا أرى أن ينهب متاعه ولا يفرق، إلا ما خف قدره من اللبن إن شابه بالماء، أو الخبز إذا نقص من وزنه، فلا أرى بأسا أن يفرقه على المساكين تأديبا له مع الذي يؤدبه من ضربه أو سجنه أو إخراجه من السوق إذا كان معتادا للفجور فيه والغش، وأما ما كثر من اللبن والخبز أو ما غش من المسك والزعفران، فلا أرى أن يفرق وينهب .
قال عبد الملك: وينبغي للإمام أن لا يرد إليه ما غش من المسك والزعفران وغيره مما عظم قدره، ولكن يأمر ببيع ذلك عليه من أهل عمل [ الطيب ]، فمن يؤمن أن لا يغش به أحدا ببيعه، ولكن ممن يصرفه في وجه مصارفه من الطيب، لأنه إن أسلم إلى الذي غشه أو بيع من مثله من أهل استحلال الغش فقد أبيح لهم [ العمل ] به .
وما كثر من اللبن إذا غش بالماء، أو السمن إذا غش بالشحم، أو العسل إذا غش بالماء، وما كثر من الخبز إذا نقص من وزنه، فلا أرى أن يهبه للمساكين، ولكن يكسر الخبز ثم يسلمه إلى صاحبه، ويباع عليه السمن والعسل واللبن إذا كثر وعظم قدره على تبيان ما فيه من الغش ممن يأكله ويتأدم به، ممن يؤمن ألا يبيعه مغشوشا، ولا يسلم إلى الذي غشه ولا يباع عليه من مثله، فيباح لهم أن يغشوا به المسلمين .
وهكذا العمل في كل من غش في تجارات السوق أو فجر فيها .
وهذا الذي أوضح لي من استوضحته ذلك من أهل العلم من أصحاب مالك وغيره .
صفحة ٤٠