عتبان بن مالك الانصاري وكان ممن شهد بدرا ، أن رسول الله قال : إن الله حرم النار على من قال : لا إله إلا الله يبغى بها وجه الله - وكان الرسول في دار عتبان فحدثها قوما فيهم أبو أيوب صاحب رسول الله - فأنكرها على أبو أيوب وقال : والله ما أظن رسول الله قد قال ما قلت ! وقد استدلت المرجئة (1) بهذا الحديث ونحوه على مذهبهم . وردت عائشة حديث عمر وابن عمر : " إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه " ، فقالت : إنكم لتحدثون عن غير كاذبين ولكن السمع يخطئ والله ما حدث رسول الله أن الله يعذب المؤمن ببكاء أهله عليه ! وقالت : حسبكم القرآن " ولا نزر وازرة وزر أخرى " . وفي رواية أنها لما سمعت أن ابن عمر يحدث بهذا الحديث قالت : وهل ! إنما قال : إنه ليعذب بخطيئته وذنبه ، وإن أهله ليبكون عليه " وفي رواية ثالثة : إنه لم يكذب ولكنه نسى أو أخطأ وقالت مثل قوله (ابن عمر) إن رسول الله قام على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين فقال : إنهم ليسمعون ما أقول . وقالت : إنما قال : إنهم الآن يعلمون أن ما كنت أقوله لهم حق ، ثم قرأت " إنك لا تسمع الموتى ، وما أنت بمسمع من في القبور " حين تبوءوا مقاعدهم من النار . . والحديثان في البخاري ومسلم وغيرهما . وردت عائشة كذلك حديث رؤية النبي لربه ليلة الاسراء الذى رواه الشيخان عن عامر بن مسروق الذى قال لعائشة : يا أمتاه . هل رأى محمد ربه ؟ فقالت : لقد قف شعرى مما قلت ! أين أنت من ثلاث من حدثكم فقد كذب (2) : من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب ، ثم قرأت : " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير . وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب " ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب ، ثم قرأت : " وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا " ، ومن حدثك أنه كتم شيئا فقد كذب ، ثم قرأت : " يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك " .
---
(1) المرجئة فرقة من كبار الفرق الاسلامية تقول لا يضر مع الايمان معصية ولا ينفع مع الكفر طاعة . (2) في مسلم : فقد أعظم على الله الفرية . وأحاديث الرؤية بلغت كما ذكر ابن القيم في حادى الارواح ثلاثين حديثا ، والمرفوع منها أكثر من عشرين حديثا ، دع الموقوف والآثار . (*)
--- [ 75 ]
صفحة ٧٤