يقال: قد توسَّد فلان القرآن إِذا نام عليه وجعله كالوِسادة له، فلم يُكثِر تلاوتَه، ولم يَقُمْ بحقِّه. ويقال: قد توسّد القرآن
إِذا أَكثَر تلاوتَه، وقام به في الليل فصار كالوِسادة، وبدلًا منها، وكالشعار والدِّثار.
وقالَ في حديث حدثناه أَبو جعفر محمد بن غالب الضبيّ المعروف بالتمتام، قال: أَخبرنا زكريا بن عدي، قال: أَخبرنا ابن المبارك، عن يونس، عن الزهريّ، عن السائب بن يزيد، قال: ذكر عند رَسُولُ الله ﷺ شُريح الحضرميّ، فقال: ذاك رجل لا يتوسَّد القرآن، فقال ابن قتيبة، يجوز أَن يكون هذا مدحًا وذمًّا من النَّبِيّ ﷺ، على ما مضى من التفسير.
وقالَ أَبو بكر: فالقولُ عندنا في توسَّد القرآن أَنه لا يكون إِلاَّ ذمًّا، لأَنَّ متوسِّد القرآن هو النائم عليه، والجاعل له كالوسادة؛ فإذا قام به في الليل وأَكثر تلاوتَه في النهار لم يشبَّه بالنِّيام، وإذا زال عنه شَبَه النِّيام لم يوصف بالتوسُّد، لأَنَّ التوسّد من آلات النوم. وحديث رَسُولُ الله ﷺ لا يحتمل إِلاَّ معنى المدح، أَي ذاك رجل يقوم بالقرآن في ليله ونهاره، فلا يكون بمنزلة المتوسّدين له، جاءَ في الحديث: مَنْ قرأَ في كلّ
1 / 187