الآداب الشرعية والمنح المرعية

شمس الدين بن مفلح ت. 763 هجري
83

الآداب الشرعية والمنح المرعية

الناشر

عالم الكتب

رقم الإصدار

الأولى

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

التصوف
[فَصْلٌ فِي حَقِيقَةِ التَّوْبَةِ وَشُرُوطِهَا] وَالتَّوْبَةُ هِيَ: النَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ، وَالْعَزْمُ عَلَى تَرْكِهَا دَائِمًا لِلَّهِ ﷿ لَا لِأَجْلِ نَفْعِ الدُّنْيَا أَوْ أَذًى، وَأَنْ لَا تَكُونَ عَنْ إكْرَاهٍ أَوْ إلْجَاءٍ، بَلْ اخْتِيَارًا حَالَ التَّكْلِيفِ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ: اللَّهُمَّ إنِّي تَائِبٌ إلَيْكَ مِنْ كَذَا، وَكَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، فَظَاهِرُ هَذَا اعْتِبَارُ التَّوْبَةِ بِالتَّلَفُّظِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ اعْتِبَارُ أَحَدِهِمَا وَلَمْ أَجِدْ مَنْ صَرَّحَ بِاعْتِبَارِهِمَا وَلَا أَعْلَمُ لَهُ وَجْهًا. وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «قَالَ اللَّهُ ﷿ يَا ابْنَ آدَمَ إنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلَا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً» فَقَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَّقَ الْغُفْرَانَ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ دَلَّ عَلَى اعْتِبَارِهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ اسْتَغْفَرَ مِنْ ذُنُوبِهِ تَوْبَةً وَإِلَّا فَالِاسْتِغْفَارُ بِلَا تَوْبَةٍ لَا يُوجِبُ الْغُفْرَانَ قَالَ ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ: وَهُوَ تَوْبَةُ الْكَذَّابِينَ، وَلِهَذَا قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: (بَابُ سُقُوطِ الذُّنُوبِ بِالِاسْتِغْفَارِ تَوْبَةً) يُرِيدُ مَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ ﷿ فَيَغْفِرُ لَهُمْ» لَكِنَّ الِاسْتِغْفَارَ بِلَا تَوْبَةٍ فِيهِ أَجْرٌ كَغَيْرِهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﷿ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١١٠] . وَالْأَوْلَى وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ

1 / 84