239

الآداب الشرعية والمنح المرعية

الناشر

عالم الكتب

الإصدار

الأولى

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

التصوف
[فَصْلٌ لَا تَجُوزُ الْهِجْرَةُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَمَّا يُوجِبُ الْهِجْرَةَ]
قَالَ الْقَاضِي: وَلَا تَجُوزُ الْهِجْرَةُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ بِمَا تُوجِبُ الْهِجْرَةَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُزَاحِمٍ مُوسَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَاقَانَ فَقَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ مُكْرَمٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا مُثَنَّى بْنُ جَامِعٍ الْأَنْبَارِيُّ قَالَ: ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ يَعْنِي حَدِيثَ الْمُثَنَّى «كَانَ لَا يَأْخُذُ بِالْقِرْفِ وَلَا يُصَدِّقُ أَحَدًا عَلَى أَحَدٍ» فَقَالَ: إلَى هَذَا أَذْهَبُ أَنَا أَوْ هَذَا مَذْهَبِي ابْنُ مُكْرَمٍ يَشُكُّ وَرَوَى أَبُو مُزَاحِمٍ حَدَّثَنِي ابْنُ مُكْرَمٍ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لَا يَأْخُذُ بِالْقِرْفِ وَلَا يُصَدِّقُ أَحَدًا عَلَى أَحَدٍ» . فَإِنْ قِيلَ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُهْجَرَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ يَكْسِبُ التُّهْمَةَ كَمَا يَجُوزُ الْحَبْسُ بِالتُّهْمَةِ لِخَبَرِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ «النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ حَبَسَ فِي تُهْمَةٍ» .
وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَحَنْبَلٍ: «حَبَسَ النَّبِيُّ ﷺ فِي تُهْمَةٍ» . قِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ الْحَدِيثِ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ حَقًّا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ وَبِالْبَدَنِ، وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ ظَاهِرُهُمَا الْعَدَالَةُ، وَلَمْ يَعْرِفْ النَّبِيُّ ﷺ عَدَالَتَهُمَا فِي الْبَاطِنِ فَحَبَسَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ لِيَسْأَلَ عَنْ عَدَالَتِهِمَا فِي الْبَاطِنِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا تُهْمَةٌ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهَذَا مَعْدُومٌ فِي مَسْأَلَتِنَا انْتَهَى كَلَامُ الْقَاضِي. وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا كَلَامَ أَحْمَدَ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي الْحَبْسِ فِي تُهْمَةٍ فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْهَجْرُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ نَظَرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْقِرْفُ التُّهْمَةُ يُقَالُ: قَرِفْته بِكَذَا إذَا أَضَفْته إلَيْهِ وَعِبْته وَاتَّهَمْته. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْكِتَابِ عِنْدَ ذِكْرِ الْغِيبَةِ إخْبَارُ ابْنِ مَسْعُودٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ بِاَلَّذِي

1 / 240