104

آداب الشافعي ومناقبه

محقق

عبد الغني عبد الخالق

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، تَرَكْتَ َقوْلَكَ، وَقَالَ أَصْحَابُهُ: تَرَكْتَ قَوْلَكَ.
فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ اللَّوْحُ لَوْحَ نَفْسِهِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنْزِعَ ذَلِكَ اللَّوْحَ مِنَ السَّفِينَةِ، حَالَ كَوْنِهَا فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ، أَمُبَاحٌ ذَلِكَ لَهُ؟ أَمْ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ؟ قَالَ: مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَكَيْفَ يَصْنَعُ صَاحِبُ السَّفِينَةِ؟ قُلْتُ: آمُرُهُ أَنْ يُقَرِّبَ سَفِينَتَهُ إِلَى أَقْرَبِ الْمَرَاسِي إِلَيْهِ، مَرْسَى لا يَهْلِكُ فِيهِ هُوَ وَلا أَصْحَابُهُ، ثُمَّ أَنْزِعُ اللَّوْحَ، وَأَدْفَعُهُ إِلَى صَاحِبِهِ، وَأَقُولُ لَهُ: أَصْلِحْ سَفِينَتَكَ وَاذْهَبْ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فِيمَا يَحْتَجُّ بِهِ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لا ضَرَرَ، وَلا إِضْرَارَ؟ !» .
قُلْتُ: هُوَ أَضَرَّ بِنَفْسِهِ، لَمْ يُضِرَّ بِهِ أَحَدٌ.
ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ اغْتَصَبَ مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً، فَأَوْلَدَهَا عَشَرَةً، كُلُّهُمْ قَدْ قَرَءُوا الْقُرْآنُ، وَخَطَبُوا عَلَى الْمَنَابِرِ، وَقَضَوْا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَثَبَّتَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ أَنَّ هَذَا اغْتَصَبَهُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ، وَأَوْلَدَهَا هَؤُلاءِ الأَوْلادَ، فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ، مَا كُنْتَ تَحْكُمُ؟ .
قَالَ: كُنْتُ أَحْكُمُ بِأَوْلادِهِ، رَقِيقًا لِصَاحِبِ الْجَارِيَةِ، وَأَرُدُّ الْجَارِيَةَ عَلَيْهِ.
فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، أَيُّهُمَا أَعْظَمُ ضَرَرًا: أَنْ رَدَدْتَ أَوْلادَهُ رَقِيقًا؟ أَوْ أَنْ قَلَعْتَ عَنِ السَّاجَةِ؟ فِي مَسَائِلَ نَحْوِ هَذِهِ

1 / 122