الأدب الصغير
الناشر
دار صادر - بيروت
انقباض وانحجاز وتحفظ في كل كلمة وخطوة، وطبقة من الخاصة يخلع عندهم لباس التشدد, ويلبس لباس الأنسة واللطفة والبذلة1 والمفاوضة, ولا يدخل في هذه الطبقة إلا واحدا من الألف, وكلهم ذو فضل في الرأي، وثقة في المودة، وأمانة في السر، ووفاء بالإخاء.
الصغير يصير كبيرا:
وعلى العاقل أن لا يستصغر شيئا من الخطأ في الرأي، والزلل في العلم، والإغفال في الأمور؛ فإنه من استصغر الصغير أوشك أن يجمع إليه صغيرا وصغيرا، فإذا الصغير كبير, وإنما هي ثلم2 يثلمها العجز والتضييع, فإذا لم تسد أوشكت أن تتفجر بما لا يطاق, ولم نر شيئا قط إلا قد أتى من قبل الصغير المتهاون به، قد رأينا الملك يؤتى من العدو المحتقر به، ورأينا الصحة تؤتى من الداء الذي لا يحفل به، ورأينا الأنهار تنبثق من الجدول الذي يستخف به.
وأقل الأمور احتمالا للضياع الملك؛ لأنه ليس شيء يضيع، وإن كان صغيرا، إلا اتصل بآخر, يكون عظيما.
صفحة ٢٣