وقال: العدل في الشيء صورة واحدة، والجور صور مختلفة، ولهذا سهل ارتكاب الجور وصعب تحري العدل، وهما يشبهان الإصابة والخطأ في الرماية؛ فإن الإصابة تحتاج إلى ارتياض وتعاهد، والخطأ لا يحتاج إلى شيء من ذلك.
وقال: من جمع إلى شرف أصله شرف نفسه، فقد قضى الحق عليه واستدعى التفضيل بالحجة؛ ومن أغفل نفسه واعتمد على شرف آبائه، فقد عقهم واستحق بأن لا يقدم بهم على غيره.
وقال: كما أن من كان له سلف في الشجاعة والسخاء، لا يستحق أن يكرم اتصافه إذا كان جبانا بخيلا؛ وكذلك سائر أنواع الشرف. إنما يستحق المنتسب إليها التقديم إذا حوى ما يذكر به أسلافه.
وقال: السعيد من الملوك من تمت به رياسة آبائه؛ والشقي منهم من انقطعت عنده.
وقال: إذا قامت حجتك على كريم في المناظرة أكرمك وعظمك، وإذا قامت على لئيم عاداك واصطنعها عليك.
وقال: لا تدفعن عملا عن وقته، فإن للوقت الذي تدفعه إليه عملا آخر، ولست تطيق ازدحام الأعمال لأنها إذا ازدحمت دخلها الخلل.
وقال: حيث يزيد القول ينقص العمل، وحيث تقوى التهمة يضعف الاسترسال.
وقال: ليس ينبغي للمرء أن يعمل الفكرة فيما ذهب عنه، ولكن ليعملها في حفظ ما يبقى له.
وقال: لا تأسفن على شيء اغتصبه في هذا العالم، فلو كان بالحقيقة لك لما وصل إلى غيرك.
وقال: أضعف الناس من ضعف عن كتمان سره، وأقواهم من قوي على غضبه، وأصبرهم من ستر فاقته، وأغناهم من قنع بما تيسر له.
وقال: أصعب الأحوال حال، عجزت فيه عن التنقل إلى ما ترجو فيه راحة؛ وأضيق المذاهب طريق لم تجد فيه معينا لك ومشيرا عليك، وأكدى المطالب الرغبة إلى غير مناسب لك ولا متأمل فاقتك، وأخوف المسالك مسلك حسنت فيه مفارقة حريتك وجميل أوصافك، وتعبدت فيه لرذائلك؛ وأغلظ المواقف مقامك على متهم لك لا يقبل منك حجة ولا يسمع لك معذرة؛ وأسوأ المجاورة مجاورة لئيم يجري مجراك من سلطانك، فهو يحرف محاسنك ويحسد فضائلك ويبتغي غوائلك.
وقال: إذا رفضت أحدا فلا تخرجه من أسر الطمع فيك؛ وإذا كافحته فلا توئسه من مراجعتك؛ فإنك ترسل عليه ليلا من المكيدة يسري فيه إليه، وهو نائم عنك، غير مبصر لك.
وقال: الحر يشكر على حسب الإمكان من المنعم والموقع من الراغب. والنذل إنما يشكر على حسب الكثرة والزيادة فقط.
وقال: الرغبة إلى الكريم تخلطك به وتقربك منه، وترفع سجوف الحشمة بينك وبينه، والرغبة إلى اللئيم تباعدك عنه وتصغرك في عينه.
وقال: الحر من وفى بما يجب عليه وسمح بكثير مما يجب له، وصبر على عشيره على ما لا يصبر له على مثله. وكانت حرمة القصد عنده توازي حرمة النسب، وذمام المودة لديه يفوق ذمام الإفضال عليه.
وقال: أمطل نفسك بما تؤثر أن تشتريه بالنسيئة، فإن صبرها عليك أولى من صبر غريمك.
وقال: لا تبكتن أحدا في الظاهر بما يأتيه في الباطن. واستحي من نفسك فإنها تلحظ منك ما غاب عن غيرك.
وقال: لا تترف نفسك وجسمك، فتفقدهما في الشدة إذا وردت عليك.
وقال: إذا أردت أن تبين كيف شكر الرجل على المزيد، فانظر كيف صبره على النقص.
وقيل له: بماذا ينتقم الرجل من عدوه؟ قال: بأن يزداد فضلا في نفسه.
وقيل له: لم يخضب فلان بالسواد؟ قال: يخاف أن يؤخذ بحنكة المشايخ.
وقيل له: ما الشيء الذي لا يحسن وإن كان حقا؟ قال: مدح الإنسان نفسه.
وقال: لا تلاجج غضبان فإنك تقلقه باللجاج، ولا ترده إلى الصواب، ولا تفرح بسقط غيرك فإنك لا تدري تصرف الأيام بك. ولا تنفخ في وقت الظفر، فإن دائرة الأيام ليست لك. ولا تهزأ بخطأ غيرك فإنك لا تملك المنطق.
وقال: إذا أنعم عليك بنعمة بها فضل عنك، فاعلم أن فيها نصيبا لغيرك. فبادر إلى إخراجه تأمن بغية الاستدراك.
وقال: إذا بلغ المستور إلى كشف حاله لك، فاحذر رده فإنه قد أطلعك على سره مع بارئه.
وقال أرسطو طاليس للطالب البالغ، لذة الإدراك، وللطالب المحروم، راحة اليأس
وقيل له: أي شيء ينبغي للإنسان أن يقتني؟ فقال: الشيء الذي إذا غرقت سفينته سبح معه.
وقال سقراط: الدنيا كراكب البحر، إن سلم قيل مخاطر، وإن عطب قيل مغرر.
وقال: إذا أردت أن تصادق إنسانًا فانظر كيف ظنه بنفسه؛ فإن كان بها ضنينا فارجه؛ وإن كان بها سمحا فاحذره!
1 / 2