١٥- باب: فضل الغرس والزرع
عن أنس بن مالك ﵁ عن النبي ﷺ قال: «ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو بهيمة، إلّا كان له به صدقة» . [رواه البخاري بهذا اللفظ في كتاب المزارعة في (باب فضل الغرس والزرع) ورواه مسلم أيضا والترمذي «١»] .
الغرس للشجر، والزرع للنبات، والغرس: هو الرشق أو الدفن في الأرض وقريب منه الزرع، والمراد بالغرس والزرع: المغروس والمزروع كالعقل «٢» والحبوب، والطير: جمع مفرده طائر كركب وراكب والمراد به هنا كل ذي جناح يسبح في الهواء. والبهيمة: اسم لكل ما لا ينطق لما في صوته من الإبهام لكن خص في العرف بما عدا السباع والطير، والصدقة: ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة كالزكاة لكن الصدقة في الأصل تقال: للمتطوع به والزكاة: للواجب، وقد يسمى الواجب صدقة إذا تحرى صاحبه الصدق في فعله.
والحديث يرغبنا في تعمير الأرض بالأشجار والزرع التي ينتفع بها الإنسان أو الحيوان ويبين أن ما أكل من الشجر أو الزرع صدقات للإنسان يستحق الإثابة عليها، وخص المسلم بذلك لأنه الذي ينتفع بثواب الصدقة في الدنيا والآخرة وأما الكافر فيثاب على ما زرع أو غرس في الحياة الدنيا فقط، وقال بعضهم يجوز أن يخفف عنه بذلك من عذاب الآخرة خصوصا إذا لم يرزق الغنى والعافية في الدنيا.
وفي الحديث حث على السعي في مصالح الناس وعلى الرحمة بالحيوان، وقد أخرجه البخاري أيضا في (باب) رحمة الناس والبهائم.
ومن الرحمة بالحيوان التخفيف عنه في الأحمال وعدم تكليفه مشاق الأعمال،
_________
(١) رواه البخاري في كتاب: الحرث والمزارعة، باب: فضل الزرع والغرس إذا أكل منه ... (٢٣٢٠) . ورواه مسلم في كتاب: المساقاة، باب: فضل الغرس والزرع (٣٩٥٠) . ورواه الترمذي في كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في فضل الغرس (١٣٨٢) .
(٢) العقل: أعواد من الشجر تغرس في الأرض لتنبت.
1 / 36