واعلم أن من العجب أن يبتلى الرجل بالسلطان فيريد أن ينتقص من ساعات نصبه وعمله فيزيدها في ساعات دعته وفراغه وشهوته وعبثه ونومه . وإنما الرأي له وحق عليه أن يأخذ لعمله من جميع شغله ، فيأخذ له من طعامه وشرابه ونومه وحديثه ولهوه ونسائه .
وإنما تكون الدعة بعد الفراغ .
فإذا تقلدت شيئا من مر السلطان فكن فيه أحد رجلين : إما رجلا مغتبطا به ، محافظا عليه مخافة أن يزول عنه ، وإما رجلا كارها عليه . فالكاره عامل في سخرة : إما للملوك ، إن كانوا هم سلطوه ، وإما لله تعالى ، إن كان ليس فوقه غيره .
وقد علمت أنه من فرط في سخرة الملوك أهلكوه . فلا تجعل للهلاك على نفسك سلطانا ولا سبيلا .
إياك وحب المدح
صفحة ٢٣