لا تكونن صحبتك للملوك إلا بعد رياضة منك لنفسك على طاعتهم في المكروه عندك ، وموافقتهم فيما خالفك ، وتقدير الأمور على أهوائهم دون هواك ، وعلى ألا تكتمهم سرك ولاتستطلع ما كتموك ، وتخفي ما أطلعوك عليه على الناس كلهم حتى تحمي نفسك الحديث به ، وعلى الاجتهاد في رضاهم ، والتلطف لحاجتهم ، والتثبيت لحجتهم ، والتصديق لمقالتهم ، والتزيين لرأيهم ، وعلى قلة الاستقباح لما فعلوا إذا أساؤوا ، وترك الانتحال لما فعلوا إذا احسنوا ، وكثرة النشر لمحاسنهم ، وحسن الستر لمساوئهم ، والمقاربة لمن قاربوا وإن كانوا بعداء ، والمباعدة لمن باعدوا وإن كانوا أقرباء ، والاهتمام بأمرهم وإن لم يهتموا به ، والحفظ لهم وإن ضيعوه ، والذكر لهم وإن نسوه ، والتخفيف عنهم من مؤونتك ، والاحتمال لهم كل مؤونة ، والرضى منهم بالعفو ، وقلة الرضى من نفسك لهم إلا بالاجتهاد .
صفحة ٦٥