موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

محمد الخضر حسين ت. 1377 هجري
72

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

تصانيف

ونفي الخوف والحزن ورد في الآية على وجه الإطلاق، وظاهره: أن المهتدين لا يعتريهم الخوف ولا الحزن في دنياهم، ولا في آخرتهم، ولكن قوله فيما يقابله من جزاء الكافرين: {أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} يرجح أن يكون المراد: نفي الخوف والحزن عنهم في الدار الآخرة. ثم إن # الذين يتقون الله حق تقاته قد يأخذهم شيء من الحزن في الدنيا، وأوضح شاهد على هذا: قول النبي -صلى الله عليه وسلم- عند احتضار ابنه إبراهيم- عليه السلام -: "إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما برضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون"، وقول يعقوب - عليه السلام - فيما قصة الله في القرآن: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله} [يوسف: 86]،

ونفي الخوف والحزن عن المهتدين يوم القيامة كناية عن سلامتهم من العذاب، وفوزهم بالنعيم الخالد في الجنة، فتتم المقابلة بين جزاء المهتدين وجزاء الكافرين المشار إليه بقوله تعالى: {أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}.

{والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}:

هذا معطوف على قوله: {فمن تبع هداي}، واردا مورد المقابل له في تفصيل من يأتيهم الهدى من الله، ومقتضى وقوعه مقابلا له أن يقال: والذين لم يتبعوا هداي أولئك ... إلخ، ولكنه عدل عن ذلك إلى قوله: {والذين كفروا وكذبوا بآياتنا}؛ لأن من لم يتبع هدى الله يشمل من لم تبلغه الدعوة، وغير المكلفين من نحو الصبيان وفاقدي العقل، وهؤلاء ليسوا من أصحاب النار. فظهر أن قوله: {والذين كفروا وكذبوا بآياتنا} جيء به على قدر من يستحقون الحكم عليهم بأنهم من أصحاب النار، والمجازاة بالعذاب الخالد الأليم.

والآيات: جمع آية، وهي في الأصل: العلامة ، وتستعمل في الطائفة من الكتاب المنزل، وفيما يستدل به على وجود الله تعالى وتوحيده، من نحو: بداح مصنوعاته، ومظاهر عنايته بالإنسان.

صفحة ٧٦