موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
محقق
علي الرضا الحسيني
الناشر
دار النوادر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣١ هجري
مكان النشر
سوريا
تصانيف
كمال قدرته تعالى وشمولها لكل شيء؛ إذ معناها: أنه تعالى يملك كل ما هو كائن.
وخص السموات والأرض بالذكر؛ لأنهما من أعظم المخلوقات، أو ليدل بالسموات على المخلوقات العلوية، ويالأرض على المخلوقات السفلية، فهو الذي يتصرف في جميع الكائنات، يفعل ما يشاء في ذواتها وأحوالها، وإنما يملك هذا التصرف المطلق من وسعت قدرته كل شيء.
﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾:
وليّ الإنسان: من يتولى أموره، ويُجريها على حسب مصالحه. ونصيره: من يعينه ويقويه على من يناوئه. فمعنى هذه الجملة: ما لكم من غير الله من يتولى أموركم ويدبرها بحق، ولا من يعينكم على أعدائكم حتى تخلصوا من شرورهم، وتكونوا أنتم الأعزاء وهم الأذلاء، ومن كان الله وليه ونصيره، علم يقينًا أنه لا يفعل به إلا ما هو خير له في دنياه وآخرته.
﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾:
دلت آية النسخ على أنه تعالى يختار للمسلمين ما هو الخير والأصلح لهم في التشريع، وهذا يستدعي تفويض أمر هدايتهم إلى تدبيره، فيكتفون بما أقامه على صحة الدعوة من آيات بينات، ويتقبلون ما يشرعه لهم ملتزمين الوقوف عنده، وجاءت للتنبيه لهذا آية: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ﴾ ... إلخ.
أم: بمعنى: بل، وهي تفيد انتقال من جملة إلى جملة، مع بقاء الجملة الأولى؛ أعني: قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ﴾ بحالها من إفادة التقرير، وتقدر بعد أم همزة الاستفهام للإنكار، والخطاب للمسلمين. وإخراج الكلام في صورة خطاب الجماعة يشعر بأن الخطاب في الآية السابقة: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ﴾ موجه في
1 / 196