185

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

محقق

علي الرضا الحسيني

الناشر

دار النوادر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣١ هجري

مكان النشر

سوريا

تصانيف

ديانتهم، ولعظم شأن هاتين العبادتين: البدنية والمالية، ذُكرتا على وجه خاص بعد الأمر بعبادة الله؛ اهتمامًا بهما، وتوكيدًا لأمرهما.
﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾:
تولى عن الشيء: رفضه، وانصرف عنه. والتوبيخ في الآية موجه إلى اليهود الذين كانوا في عصر النبي ﷺ، واليهود الذين تولوا عن الميثاق من قبل، على طريقة تغليب الحاضرين على الغائبين؛ حيث أورد التوبيخ في صورة الخطاب، والفعل المنكر، وهو التولي، صادر من الحاضرين والغائبين. والقليل في قوله تعالى: ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ هم من آمن قديمًا من أسلافهم، أو حديثًا؛ كعبد الله بن سلام وأصحابه. والإعراض: التولي، فقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ حال مؤكدة لمعنى الفعل الذي هو ﴿تَوَلَّيْتُمْ﴾؛ إذ للتأكيد في لسان العرب طرق، منها: أن يعاد إسناد معنى الفعل إلى الفاعل في صورة الحال. والمعنى: ثم رفضتم أنتم وأسلافكم الميثاق رفضًا باتًا، إلا فريقًا منكم ليسوا بكثير استمروا على رعايته والعمل بموجبه.
* * *

1 / 151