144

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

محقق

علي الرضا الحسيني

الناشر

دار النوادر

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣١ هجري

مكان النشر

سوريا

تصانيف

عليهم؛ إذ أذن لهم في أن يتمتعوا بثمراث القرية وأطعمتها في أي مكان شاؤوا، والرغد: الواسع الهنيء. وهو مشعر بكثرة محصولات القرية، وعدم غلاء أسعارها.
﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾:
الباب: مدخل القرية. و﴿سُجَّدًا﴾: جمع ساجد؛ من السجود، وهو وضع الجبهة على الأرض. ويستقيم هذا التفسير بجعل قوله: ﴿سُجَّدًا﴾ من قبيل الحال المسماة: "الحال المقدرة"، وهي التي تقع بعد وقوع العامل، لا معه، والعامل في الآية: الدخول. والسجود إنما يتيسر بعد انتهاء الدخول. وهذا الضرب من الحال وارد في الكلام البليغ؛ كما قال تعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ﴾ [الفتح: ٢٧]. فإن الحلق والتقصير إنما يكون بعد الدخول، ومعنى الآية: ادخلوا باب القرية ناوين السجود شكرًا لله على ما أنعم به عليكم؛ من إخراجكم من التيه، والمُقام ببلدة تعيشون فيها عيشة ناعمة.
﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾:
الحطّة: من حط بمعنى: وضع، وقد وردت هذه الكلمة وهي مفردة في معرض الحكاية بالقول: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾، والمعروف أن القول لا يحكى به إلا الجمل، ولا يحكى به المفردات، إلا أن يكون المفرد في معنى الجملة؛ نحو: شعر، وخطبة، وهذا ما دعا المفسرين إلى فهم الآية على وجه يجري به القول على أصله من حكاية الجمل. ومن أقرب ما تفسر به الجملة أن يكون ﴿حِطَّةٌ﴾ مصدرًا مرادًا منه طلبُ حط الذنوب. وقد يجيء المصدر المراد منه الطلب مرفوعًا؛ نحو: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ [الأنعام: ٥٤]، ويحمل من جهة

1 / 110