141

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

محقق

علي الرضا الحسيني

الناشر

دار النوادر

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣١ هجري

مكان النشر

سوريا

تصانيف

صالح؛ لأنهم رأوا رأي العين من أحوال الآخرة ما يجعل إيمانهم أو عملهم الصالح اضطراريًا، والتكليف إنما تتم حكمته وتظهر مزيته في أن يتجه الإنسان إلى ما كلف به، وهو على شيء من الاختيار.
﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ﴾:
نعمُ الله على بني إسرائيل أخروية، ومنها: ما ذكَّرهم به في الآية السابقة بقوله: ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾، ودنيوية، ومنها: ما ذكرهم به في هذه الآية. والغمام: جمع غمامة، وهي السحابة، وخصه بعض علماء اللغة بالسحابة البيضاء. والمعنى: جعلنا الغمام يُظلكم في النهار لمِقيكم حر الشمس، وكان هذا كما روى النسائي وغيره عن ابن عباس في مدة تيههم بين مصر والشام المشار إليه بقوله تعالى: ﴿يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ [المائدة: ٢٦].
﴿وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى﴾:
إنزال الشيء: تحويله من أعلى إلى أسفل، وهذا المعنى متحقق في المن والسلوى. ويستعمل بمعنى الإيجاد؛ كما قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ [الزمر: ٦].
وقد اختلفت عبارات المفسرين في وصف المن، وأشهرها: أنه شيء يسقط على الشجر سقوط الثلج، أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، وتواردت عبارتهم على أن السلوى من نوع الطيور. والذي يؤخذ من ذكره بجانب المن أنه من أطيب الطيور طعمًا.
﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾:
الأمر ﴿كُلُوا﴾: للإذن؛ نحو: "فاصطادوا". والطيبات: جمع

1 / 107