هذه الأجناس، لتعذر هذه الأجناس على غيره.
وإذا علمه تعالى فكذلك علم استحالة إدراكه بشئ من الحواس، لأن الإدراك المعقول مختص بالمحدثات.
وعلم كذلك استحالة الاختصاص بالجهات والنقل فيها والمجاوزة والحلول وإيجاب الأحكام والأحوال عليه سبحانه، لكون ذلك من صفات الأجسام والأعراض المباينة له تعالى.
وبعلمه (1) عنها يستحيل عليه الحاجة لاختصاصها باجتلاب النفع ودفع الضرر واختصاص النفع والضر بمن يصح أن يألم ويكد (2)، واختصاص اللذة والألم بذي شهوة ونفار، وكونهما معنيين يفتقران إلى فعل، وذلك لا يجوز عليه لحدوث المحل وقدومه (3) سبحانه، ولخلو الفعل من دليل على إثباته مسهيا (4) أو نافرا.
وإذا علم تخصصه تعالى بهذه الصفات من سائر الموجودات، علمه (5) تعالى واحدا، لأنهما لو كانا اثنين لوجوب اشتراكهما في جميع الصفات الواجبة والجائزة، وذلك يوجب كون مقدورهما ومرادهما واحدا، مع حصول العلم الضروري بصحة إرادة أحد المتحيزين ما يكره الآخر أو لا يريده ولا يكرهه، وقيام البرهان على استحالة تعلق مقدور واحد بقادرين، وتقدير قديم ثان يقتضي نقض هذا المعلوم.
فثبت أنه تعالى واحدا لا ثاني له، ولأنه لا دليل من جهة العقل على إثبات ثان، وقد ورد السمع المقطوع بإضافته إليه سبحانه بنفي قديم ثان، فوجب له القطع على كونه واحد.
* * *
صفحة ٤٨